ارتفاع حالات الانتحار في تونس: تقرير جديد يكشف الأساليب والسياقات

تشهد تونس تصاعداً ملحوظاً في معدلات الانتحار ومحاولاته، خاصة في النصف الأول من عام 2025، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المواطن التونسي. تقرير حديث صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES) سلّط الضوء على الأرقام والأساليب الشائعة التي يلجأ إليها الضحايا، وسط مطالبة بضرورة التحرك العاجل لمعالجة هذه الظاهرة.

أرقام مقلقة في 2025
أشار التقرير إلى أنّ فرق الرصد وثّقت بين يناير ويونيو من هذا العام ما لا يقل عن 65 حالة ومحاولة انتحار، شملت الفئة المنتجة والناشطة من المجتمع، إضافة إلى انتشار الظاهرة بين فئة الشباب والمراهقين، وحتى صغار السن الذين تراوحت أعمار بعضهم بين 10 و18 سنة. هذه الأرقام جاءت متسارعة بعدما سجلت تونس 133 حالة انتحار خلال كامل سنة 2024، ما يؤشر إلى تفاقم الظاهرة في الفترة الأخيرة.

الوسائل الأكثر شيوعاً
بحسب نتائج التحليل الميداني لتقارير المنتدى، تبرز عدة طرق يعتمدها التونسيون لإنهاء حياتهم أو لمحاولة ذلك، وتأتي في مقدمتها:

1. الشنق باستخدام الحبال أو قطع من الملابس.
2. القفز من أماكن مرتفعة أو في مواقع خطرة كالجسور أو المباني العالية.
3. تناول العقاقير السامة أو الأدوية بجرعات زائدة.
4. استعمال الأدوات الحادة أو الأسلحة البيضاء.

تعكس هذه الوسائل مدى خطورة الحالة النفسية التي يمر بها المنتحرون، فضلاً عن الشعور بالعجز أو غياب الدعم اللازم في الأوساط الأسرية والمجتمعية.

خلفيات الظاهرة
يربط التقرير بين تزايد محاولات الانتحار وتدهور الأوضاع الاقتصادية وصعوبة تأمين فرص العمل، بالإضافة إلى تصاعد الضغوط الاجتماعية والأسرية، وانتشار حالات العنف والانقطاع المدرسي. كما لعبت التحولات السياسية وعدم الاستقرار دوراً في تعميق أزمة الأمل، لتظهر الانتحارات كرد فعل يائس في غياب آليات فعالة لامتصاص الأزمات.

دعوات للتحرك والوعي
أمام هذا الواقع المؤلم، دعت منظمات أهلية وخبراء في علم النفس والاجتماع إلى ضرورة وضع استراتيجيات وطنية عاجلة للوقاية من الانتحار، بتعزيز خدمات الصحة النفسية وتكثيف حملات التوعية في المؤسسات التربوية والاجتماعية، إلى جانب توفير خطوط ساخنة للدعم والاستشارة. وقد أوضح المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن مجابهة انتشار الظاهرة تتطلّب معالجة أسبابها البنيوية، والعمل على إعادة الثقة والأمل بين فئات المجتمع، خاصة الفئات الأكثر هشاشة.

تؤكد هذه الأرقام والدلالات خطورة الأمر وحاجة تونس لمزيد من الجهود المجتمعية والرسمية للحد من انتشار الانتحار، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها التونسيون يومياً.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *