جدل واسع حول ندوة مؤسسة التميمي ودور المنصات العلمية
أثارت ندوة نظمها مؤخرًا مؤسسة عبد الجليل التميمي موجة من التساؤلات والاستغراب في الأوساط الأكاديمية والقانونية والإعلامية بعد الإعلان عن استضافة شخصية غير معروفة زُعم أنها تمتلك «وثائق هامة» تتعلق بسلوك ونزاهة عدد من القضاة والمسؤولين السابقين في تونس. ما زاد من حدة الجدل هو تداول أسماء شخصيات معروفة مثل القاضي عفيف الجعيدي ضمن ما اعتبره كثيرون «ادعاءات خطيرة دون أدلة واضحة».
بدأت الحكاية عندما أطلقت المؤسسة دعوة عامة لحضور ندوة يفترض أن تكشف حقائق جديدة صادمة حول بعض رموز القضاء والإدارة في تونس، وقد أشار البيان الصادر عن المؤسسة إلى أن المتحدث الرئيسي سيركز على «ما بحوزته من ملفات»، دون الكشف عن هويته أو تقديم تفاصيل دقيقة حول مدى موثوقية هذه التسريبات.
هذا الغموض أدى إلى حالة من الإرباك، حيث تساءل كثيرون عن معايير المؤسسة في اختيار ضيوفها ومدى التحقق المسبق من صحة المعلومات المقدمة في المنابر العلمية. كما عبّر عدد من القضاة والشخصيات العامة عن استيائهم من تداول أسمائهم في سياق شبهات وتشويهات دون الاعتماد على أدلة دامغة أو تحقيقات قضائية رسمية.
من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن ما جرى يكشف عن إشكالية أعمق تتعلق بدور المنصات البحثية والثقافية في المجتمع، والتي من المفترض أن تكون فضاءً للحوار الجاد بعيدًا عن الإثارة والتشهير. إذ حذر خبراء في الإعلام والقانون من خطورة تزاحم الشائعات والمعلومات غير المؤكدة في الندوات العلمية، لما فيها من أضرار محتملة على سمعة أشخاص ومؤسسات دون منحهم فرصة الدفاع عن أنفسهم أو إثبات براءتهم أمام القضاء.
يُذكر أن مؤسسة عبد الجليل التميمي تحظى بتاريخ طويل في تنظيم المؤتمرات والندوات العلمية حول قضايا فكرية وتاريخية متنوعة، لكن هذه الواقعة الأخيرة سلطت الضوء على تحديات مخاطبة الرأي العام والتزام الموضوعية والتدقيق في المعلومات، خصوصًا في قضايا تتعلق بالحياة المهنية والشخصية لأفراد المجتمع.
وأمام توسع النقاش حول خط فاصل بين النقد البناء والتشهير، يبقى سؤال الحسم معلقًا حول مسؤوليات المؤسسات البحثية والمنابر الأكاديمية في الحفاظ على مصداقيتها وسمعتها ووضع ضوابط صارمة لتمرير أي ادعاءات من هذا النوع في المستقبل.