استخراج كنوز أم تبرير للجريمة: مأساة السبيخة تهز تونس

لا تزال فاجعة منطقة السبيخة من ولاية القيروان تتصدر اهتمامات المجتمع التونسي، إثر حادثة مروعة شهدت اقتلاع عيني امرأة شابة على يد زوجها في شهر رمضان الماضي، مستعملاً شوكة طعام أداة لتنفيذ جريمته التي تجاوزت حدود التصور الإنساني والعقلي. وقد خلّف هذا الفعل المروع موجة واسعة من الغضب والذهول لدى الرأي العام، مجدداً النقاشات حول تصاعد وتيرة العنف الأسري وكذلك استشراء الظواهر المرتبطة بالشعوذة.

الحادثة التي هزت الضمير الجمعي، لم تكن مجرد مظهر عنف منزلي تقليدي، بل ارتبطت باتهامات بوجود دافع “خارق” وراء تنفيذها؛ حيث تشير المعطيات الأولية إلى أن الزوج كان ضحية تحريض من أحد المشعوذين، واعتقاد بوجود كنز مخفي لا يمكن استخراجه إلا باستخدام جزء من جسد إنسان حي، بحسب بعض المصادر المحلية. وقد استغل المشعوذ جهل الضحية وضعف وعيه القانوني والديني ليقنعه بتنفيذ الجريمة تحت غطاء البحث عن الثروة.

مأساة الضحية لم تتوقف عند فقدان البصر وتشويه الحياة، بل أثارت أيضاً تساؤلات عميقة حول مدى فعالية القوانين في ردع الجناة، ودور الجهات الرسمية والمجتمع المدني في مواجهة مروّجي الشعوذة والتصدي لحالات العنف الأسري المتكررة. فالواقعة ليست معزولة، بل تعكس أزمة ثقافية واجتماعية تلزم مراجعة معمقة للتشريعات وتفعيل آليات الحماية والدعم النفسي والاجتماعي للنساء والفئات الضعيفة.

مطالبات عديدة تم توجيهها إلى السلط التشريعية والتنفيذية لتعزيز العقوبات على مرتكبي الانتهاكات ضد المرأة، وملاحقة الدجالين وكل من يروج الأوهام الخطيرة التي تدمر أرواح الأبرياء وتدفع إلى جرائم لا تقل وقعاً عن الجرائم الجنائية التقليدية.

ويبقى الأمل معقوداً على التوعية والتربية، ورفع منسوب الوعي الجمعي لحماية المجتمع وصون كرامة الفرد، خاصة في المناطق التي ما زالت تعاني من الهشاشة الاقتصادية والثقافية. مأساة السبيخة تنبهنا جميعاً إلى أن العنف، مهما كانت دوافعه، لا يمكن تبريره أو التهوين من خطورته تحت أي مسمى؛ فالمسؤولية اليوم جماعية في وضع حد لمثل هذه الجرائم البشعة ودعم ضحاياها في رحلة التعافي والعدالة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *