تجارب عالمية في ترسيخ التربية الإعلامية ضمن التعليم: ضرورة لمواجهة تحديات العصر

يشهد قطاع التعليم في تونس وفي العديد من دول العالم نقاشًا متزايدًا حول أهمية إدراج التربية على وسائل الإعلام والاتصال في المناهج الدراسية. يأتي ذلك في ضوء الانتشار السريع للأخبار الزائفة وتصاعد خطاب الكراهية والتضليل الرقمي الذي يهدد فئة الشباب بشكل خاص. ويجمع الخبراء من ميادين التربية والإعلام على أن تنمية الوعي الإعلامي لدى الطلاب لم يعد خيارًا بل تحول إلى حاجة ملحة.

تسعى العديد من الأنظمة التعليمية الحديثة إلى إكساب الناشئة مهارات التفكير النقدي، وتمكينهم من التفاعل مع المحتوى الرقمي بحذر ومسؤولية. وقد أكد إعلان جامعة الدول العربية مؤخرًا على ضرورة تبني التربية الإعلامية كإستراتيجية هادفة لبناء قدرات الجيل القادم، وذلك لتعزيز المشاركة المجتمعية والديمقراطية وتكريس مفهوم المواطنة الرقمية.

تجارب عالمية ملهمة
اعتمدت بعض الدول مثل فنلندا وكندا والمملكة المتحدة برامج واسعة النطاق في التربية الإعلامية، إذ يقوم الطلاب هناك بتعلم كيفية تحليل الرسائل الإعلامية، واكتشاف المضمون المضلل، وفهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة الفردية والمجتمعية. كما تبرز التجربة الإماراتية كنموذج عربي رائد في تضمين التربية الإعلامية ضمن النظام التعليمي الرسمي، حيث تم التركيز على تنمية مهارات التلميذ في التعامل الواعي مع وسائل الإعلام الحديثة.

على صعيد آخر، يشير متخصصون إلى أن التربية الإعلامية تعزز التعليم الذاتي وتدعم الطالب ليصبح أكثر قدرة على تقييم المعلومات وفهم خلفياتها وأهدافها. ويفسر ذلك الاهتمام المتزايد لدى الهيئات التعليمية بإدماج نشاطات عملية وحوارية في الفصول الدراسية تتيح للطلاب مناقشة القضايا الإعلامية وتطوير وعي نقدي تجاه ما يقدم لهم عبر الشاشات والمنصات الإلكترونية.

ومع استمرار تحديات العصر الرقمي وتفاقم ظواهر التضليل والتلاعب بالمعلومات، تتزايد الحاجة إلى وضع سياسات تعليمية شاملة تهدف إلى حماية الأجيال من مخاطر البيئة الإعلامية المفتوحة. ويظل تبني التربية الإعلامية خطوة استراتيجية نحو بناء مجتمع واعٍ قادرٍ على مواجهة تحديات المعلومة والتكنولوجيا بثقة وفعالية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *