قرار استئنافي في سليانة يؤكد ضرورة الإذن المسبق لتفتيش الهواتف المحمولة

أصدرت محكمة الاستئناف بسليانة مؤخرًا قرارًا يعتبر مرجعًا قانونيًا جديدًا في ما يتعلق بالتعامل مع الهواتف المحمولة أثناء التحقيقات الجنائية. وأبرز القرار أن باحث البداية ليس له أي صلاحية قانونية لتفتيش هاتف المتهم أو الاطلاع على محتوياته ومعلوماته الشخصية، مثل الرسائل والصور وبيانات التطبيقات، دون الحصول على إذن كتابي صادر بشكل مسبق وصريح عن وكيل الجمهورية، وذلك حتى في الحالات التي يسلّم فيها المتهم هاتفه طوعًا.

ويؤسس هذا الحكم لمبدأ قانوني هام يتعلق بحماية الحياة الخاصة للأفراد وحقوقهم الرقمية، حيث جاء في حيثيات القرار أن تفتيش الأجهزة الرقمية بما فيها الهواتف يتطلب رقابة قضائية دقيقة حفاظًا على سرية الاتصالات والمعطيات الشخصية. ويشكل القرار ردعًا قانونيًا لأي تجاوزات قد تقع من طرف جهات التحقيق، ويعزز في الوقت نفسه من ثقة المواطنين في استقلالية السلطة القضائية وحماية حرياتهم الفردية.

جدير بالذكر أن النقاش حول قانونية تفتيش الهواتف المحمولة دون إذن قانوني مسبق تصاعد مؤخرًا نتيجة تطور الوسائل الرقمية وزيادة الاعتماد على الأجهزة الذكية في الحياة اليومية، ومع ما تحتويه من معلومات حساسة تخص أصحابها. وقد ركّزت المحكمة في هذا السياق على ضرورة الالتزام الصارم بمقتضيات القانون والإجراءات القضائية وعدم الاكتفاء بموافقة المتهم الشفوية أو تسليمه الطوعي للجهاز، لأهمية ذلك في صيانة الحقوق الدستورية المرتبطة بحرمة الحياة الخاصة وعدم المساس بها إلا وفقا للإجراءات المنصوص عليها قانونًا.

يعتمد هذا الحكم على سوابق قضائية وتوجهات حديثة أيدتها جهات قضائية عليا، مشددة على أن احترام الضمانات القانونية من شأنه المحافظة على التوازن بين ضرورات التحقيقات الجنائية وحقوق الأفراد الأساسية. وبهذا القرار، ترسخ محكمة الاستئناف بسليانة دور القضاء في وضع الحدود بين سلطة التحقيق والحقوق الأساسية للمتهمين، لا سيما في ظل التقدم التكنولوجي وتأثيراته على القوانين والممارسات الأمنية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *