أحكام متباينة في تونس بين الإعدام والبراءة بسبب منشورات فيسبوك
أثار صدور حكم بالإعدام عن المحكمة الابتدائية في نابل مؤخراً موجة من الجدل والغضب في الشارع التونسي، وذلك بعد أن قضى قاضٍ بإعدام رجل خمسيني يُدعى صابر شوشان، على خلفية منشورات انتقد فيها الرئيس قيس سعيد عبر حسابه على موقع فيسبوك، وفق ما أكده محاميه أسامة بوثلجة لوسائل إعلام محلية ودولية.
الحكم الذي أصدرته دائرة الجنايات في الأول من أكتوبر 2025، استند إلى الفصل 72 من المجلة الجزائية التونسية، الذي يساهم في تشديد العقوبة حال المساس بأمن الدولة وسلامة رئيسها. ورغم أن الانتقادات السياسية أصبحت مألوفة في المشهد التونسي، فإنَّ الحكم بالإعدام على خلفية تدوينات رقمية فاجأ الجميع واعتبره كثيرون سابقة خطيرة ومساساً بحرية الرأي والتعبير.
من ناحية أخرى، وفي محافظة سليانة الشمالية، قوبلت تهم مشابهة في ملف مختلف باعتبارها غير كافية للإدانة، إذ قضت المحكمة هناك ببراءة أحد المتهمين رغم وجود منشورات انتقادية للرئيس على شبكات التواصل الاجتماعي. هذا التناقض في الأحكام فتح الباب أمام نقاشات موسعة بشأن استقلال السلطة القضائية واختلاف تأويل القوانين بين محكمة وأخرى، كما طرح تساؤلات عن مدى حماية حرية التعبير في تونس ما بعد الثورة.
محامون وحقوقيون أكدوا وجود تضارب واضح في مسار العدالة بالنسبة لقضايا التعبير الرقمي، مطالبين بضرورة مراجعة التشريعات التي يمكن أن تؤول بصورة متشددة وتتسبب بعقوبات قاسية لمجرد إبداء الرأي. كما أعربت منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية عن قلقها، ودعت إلى احترام المعايير الدولية والمحافظة على مكتسبات حرية الصحافة والنقاش السياسي السلمي.
وتشير تطورات هذه القضايا إلى استمرار التجاذبات بين السلطة التنفيذية والشارع التونسي الرافض لمنح مؤسسات الدولة سلطات مطلقة في محاسبة المنتقدين، بينما يؤكد القضاء التونسي أنه ينطلق في أحكامه من التشريعات السارية ولكنه بحاجة إلى وضوح قانوني يضمن التوازن بين حماية الأمن العام وصون حقوق المواطنين في التعبير. وفي ظل هذا المناخ المشحون، يبقى مستقبل حرية التعبير في تونس رهن التطورات السياسية والقضائية القادمة.