أزمات الخطوط التونسية تتصاعد: استمرار الحظر الأوروبي ينذر بمستقبل غامض
تمر شركة الخطوط التونسية في الآونة الأخيرة بواحدة من أصعب فتراتها على الإطلاق، حيث تتفاقم الأزمات المالية والتشغيلية والإدارية بوتيرة تهدد مكانة الناقلة الوطنية في سوق الطيران الإقليمي والدولي. فقد جاء القرار الأخير للوكالة الأوروبية لسلامة الطيران (EASA) بتعليق شهادة المشغل الجوي لشركة الخطوط التونسية السريعة “تونيسار إكسبريس” ليضع المؤسسة في موقف حرج، بعدما مُنعت من تسيير أي رحلات جوية نحو أوروبا منذ منتصف أغسطس 2025.
القرار الأوروبي جاء نتيجة لمخاوف متراكمة تتعلق بمعايير السلامة والإجراءات الفنية والإدارية للمشغل التونسي، حيث تم إدراج تونيسار إكسبريس ضمن قائمة مشغلي الدول الثالثة، ما منعها من الوصول إلى أي وجهة في المجال الجوي الأوروبي. هذا الحظر أثر مباشرة على شبكة الرحلات والخدمات التي تقدمها الشركة، وزاد من حالة عدم اليقين بالنسبة للمسافرين والعاملين في القطاع.
وقد اضطرت إدارة الخطوط التونسية لتأجير طائرات وأطقم طيران من شركات أجنبية، من بينها شركات إيطالية، لمحاولة إنقاذ بعض الرحلات ونقل المسافرين العالقين في المطارات الأوروبية، خاصة مع تصاعد وتيرة الشكاوى والمخاوف من انهيار الخدمة بشكل كامل.
الأزمة الحالية ليست وليدة اللحظة، إذ تراكمت خلال السنوات الأخيرة مشاكل إدارية ومالية حادة، إلى جانب تدهور الأسطول وصعوبات في عمليات الصيانة والتجديد. ورغم العديد من التصريحات والوعود الحكومية بإصلاح القطاع وإعادة هيكلة الشركة، إلا أن الإجراءات الفعلية ظلت محدودة الأثر، مما فتح الباب أمام المزيد من الاضطرابات والخسائر.
تعيش الخطوط التونسية اليوم وسط تحديات غير مسبوقة، في وقت ترتفع فيه المنافسة في قطاع النقل الجوي وتزداد متطلبات السلامة الصارمة المفروضة من قبل السلطات والمنظمات الدولية. ويبدو أن تجاوز هذه المرحلة الحرجة يتطلب تحركاً جذرياً على مستوى الحوكمة والإدارة ودعم حكومي قوي، لضمان استمرار الناقلة في أداء دورها ودعم الاقتصاد الوطني.
ويبقى مستقبل الخطوط التونسية مرهوناً بقدرة الإدارة على الاستجابة السريعة وفعالية خطط الإصلاح المنتظرة لإعادة ثقة المسافرين والشركاء المحليين والدوليين على حد سواء.