أزمات متفاقمة داخل منظمات تونسية كبرى تلقي بظلالها على الاستقرار الوطني

تمر تونس منذ فترة بأوضاع مضطربة داخل عدد من المنظمات الوطنية الهامة، ظهرت جليًا من خلال تصاعد التوترات والانقسامات في صفوف كل من الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، منظمة الأعراف، والهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين. هذا الواقع يعكس أزمة شاملة تتعلق بالإدارة وصعوبة التكيّف مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

البداية كانت مع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، حيث أدى إعلان معز بن زيان استقالته المفاجئة من رئاسة المنظمة إلى حالة من الغموض، ما أسفر عن تبادل الاتهامات بين الأطراف الداخلية وسط مطالب بتجديد الهياكل التنظيمية. تأتي هذه التطورات على وقع أزمات متكررة تطال قطاع الفلاحة والصيد البحري جرّاء الأوضاع الاقتصادية وتراجع الدعم الحكومي.

في السياق ذاته، يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل حالة من الاستقطاب المتزايد بين قيادته والسلطة السياسية، حيث تصاعدت الخلافات مع الحكومة خصوصًا بعد سلسلة الإجراءات الحكومية التي تمس التفرغ النقابي وحقوق العمال. وقد نظم الاتحاد في الآونة الأخيرة تحركات احتجاجية ومسيرات للتعبير عن رفضه لتراجع هامش العمل النقابي والتضييق الرسمي الذي يتعرض له، ما جعل الحوار بين الطرفين شبه متوقف.

أما منظمة الأعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية)، فتشهد هي الأخرى نقاشات ساخنة داخلية حول أدائها وموقعها في التعاطي مع الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، خاصة بعد تراجع الاستثمار وارتفاع البطالة، مما دفع بعض القيادات للمطالبة بإصلاحات عميقة وإستراتيجية أكثر تماشيًا مع واقع السوق الوطنية.

ولا تبدو الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بمنأى عن هذه الاضطرابات، إذ تواجه صعوبات في تجديد هياكلها وضبط دورها في حماية مصالح المنتسبين لها في ظل تراجع الطلب على خدمات القطاع.

هذه الأحداث المتلاحقة داخل المنظمات الوطنية الكبرى تثير تساؤلات حول مستقبل العمل المدني والاجتماعي في تونس، ومدى قدرة هذه الكيانات على المحافظة على استقلاليتها وتجديد آليات اشتغالها في ظل الظروف الحالية. ويرى مراقبون أن تخطي هذه الأزمة يحتاج إلى حوار داخلي بنّاء وعملية إصلاح حقيقية تشمل مراجعة أطر التسيير، للمساهمة في إخراج البلاد من أزمتها الاجتماعية والاقتصادية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *