استهلاك المياه المعبأة يُضاعف أزمة النفايات البلاستيكية بتونس: تجاهل بيئي وغياب المحاسبة

تتفاقم أزمة النفايات البلاستيكية في تونس بوتيرة مقلقة، مدفوعة بالزيادة المستمرة في استهلاك المياه المعبأة في قوارير بلاستيكية. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من نشطاء البيئة والخبراء حول المخاطر البيئة والصحية لهكذا استهلاك، تواصل شركات تعبئة المياه نشاطها دون فرض رقابة فعّالة أو اتخاذ إجراءات حازمة لتحمل مسؤوليتها البيئية.

في عام 2024، أظهرت الإحصاءات أن متوسط استهلاك الفرد التونسي من المياه المعبأة بلغ حوالي 244 لتراً سنوياً، ما يضع البلاد في المرتبة الرابعة عالمياً في هذا المجال، ويجعل سوق المياه المنقاة أحد الأنشط، حيث قُدّر إجمالي الاستهلاك السنوي بثلاثة مليارات لتر. هذه الأرقام تعني بالضرورة تراكم كميات هائلة من العبوات البلاستيكية المهملة التي تجهد نُظم جمع النفايات وتفاقم مشكلة التلوث.

ورغم أن تونس تنتج سنوياً نحو 2.5 مليون طن من النفايات، فإن نسبة كبيرة منها تتكوّن من البلاستيك أحادي الاستخدام، الذي يصعب إعادة تدويره بشكل فعّال. ولذلك قدّرت تقارير الصندوق العالمي للطبيعة أن خسائر تونس السنوية نتيجة تلوث المواد البلاستيكية تصل إلى 60 مليون دينار.

يعزو بعض المختصين تصاعد الاستهلاك إلى فقدان الثقة في جودة مياه الحنفية، مما يغذي الطلب الكبير على مياه القوارير المُعبأة. ومع ذلك، يُحذّر خبراء الصحة من جهات غير رسميّة تقدم على تعبئة مياه مجهولة المصدر في عبوات بلاستيكية دون رقابة، ما يضاعف من المخاطر الصحية إلى جانب التلوث البيئي.

وبينما لا تفرض القوانين الحالية قيوداً صارمة أو ضوابط واضحة لإلزام الشركات بفرز وتدوير مخلفاتها من البلاستيك، تتعالى الأصوات المطالبة بتحمّل الشركات لمسؤولياتها البيئية وبضرورة منح الأولوية لتوعية المواطنين وتقنين استهلاك القوارير البلاستيكية.

أمام غياب حلول فعّالة، تبقى النفايات البلاستيكية عبئاً متراكماً وتقف تونس أمام تحدٍ بيئي كبير يتطلب رؤية وطنية وإجراءات عملية تضمن توازن السوق، حماية البيئة، وصحة المواطن.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *