الاتحاد العام التونسي للشغل يواجه أزمة داخلية واحتدام التصعيد مع السلطة

يشهد الاتحاد العام التونسي للشغل مرحلة غير مسبوقة من التوترات الداخلية والخارجية، إثر موجة الهجوم الأخيرة التي طالته وتسببت في تصاعد حدة الأزمات داخله. وعلى عكس ما توقعه البعض من توجه المنظمة نحو رص الصفوف وتجاوز الخلافات، فقد كشفت التطورات الأخيرة عن تعمق الانقسامات، مما ينذر بدخول الاتحاد في فترة دقيقة قد تعصف بوحدته التاريخية.

الخلافات الداخلية متواصلة وسط عجز عن عقد الاجتماعات التي كان من المنتظر أن تساهم في احتواء الأزمة، في حين ازدادت حدة الانقسامات وتبادل الاتهامات بين بعض القيادات، كما تم إلغاء لقاءات كان من شأنها أن توحد الرؤى الداخلية.

على المستوى الخارجي، تصاعد التوتر بين الاتحاد والسلطة التنفيذية، حيث اعتبرت قيادة الاتحاد أن المنظمة تتعرض لمحاولة استهداف ممنهجة تهدد دورها الاجتماعي والسياسي. ويأتي ذلك في وقت يتعرض فيه الاتحاد لموجة انتقادات واحتجاجات تتهمه بالانحراف عن الدور النقابي التقليدي وتغليب الاعتبارات السياسية.

وفي ظل استمرار تعثر الحوار الداخلي، بدأ الاتحاد بنقل معركته إلى المجال العام عبر الإعلان عن تحركات احتجاجية تهدف إلى الدفاع عن استقلاليته وعن الحريات النقابية، معتبرًا أن التهديد لا يطال فقط المنظمة بل يشكل خطرًا على المشهد الديمقراطي في البلاد.

ويرى مراقبون أن هذه المرحلة قد تكون الأصعب في تاريخ الاتحاد منذ تأسيسه، إذ تتوالى الضغوطات وتتعاظم التحديات، ويتخوف الكثيرون من أن تؤدي هذه الأزمة إلى إضعاف قدرة الاتحاد على أداء أدواره التقليدية في الدفاع عن العمال والتأثير على السياسات الوطنية. كما حذر آخرون من أن استمرار الانقسامات قد يمنح خصوم الاتحاد فرصة للضغط عليه وربما تقويض مكتسباته التاريخية.

وسط هذا المشهد المرتبك، يبقى مستقبل الاتحاد العام التونسي للشغل رهين قدرة قيادته على تجاوز الخلافات الداخلية ورأب الصدع، وكذلك مدى قدرتها على التصدي للضغوط القادمة من خارج المنظمة، حتى يظل فاعلاً رئيسيًا في الساحة التونسية ويحافظ على مكانته كقوة اجتماعية وسياسية مؤثرة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *