الادخار العائلي في تونس يشهد انخفاضًا تاريخيًا يتجاوز العقدين
شهدت تونس خلال السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في معدل الادخار الوطني، الأمر الذي أثار قلق خبراء الاقتصاد حول مستقبل التمويل الذاتي للاستثمارات الوطنية. وفي تصريح له على إذاعة إكسبريس أف أم، نبه الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي رضا الشكندالي إلى أن نسبة الادخار في البلاد انخفضت إلى 5.7% عام 2024، مقارنة بنسبة 23.5% تم تسجيلها في عام 2001، وهو ما وصفه بانهيار غير مسبوق خلال العقود الماضية.
وأشار الشكندالي إلى أن هذا الهبوط الحاد في المدخرات يُضعف إمكانيات الاقتصاد التونسي على تمويل المشروعات الحيوية والاعتماد على الموارد الذاتية دون الحاجة إلى الاقتراض الخارجي، مما يزيد من هشاشة الأوضاع الاقتصادية ويؤثر سلبا على النمو والاستقرار المالي.
وأوضح الخبير أن حساب نسبة الادخار الوطني يتم بالاستناد إلى الفارق بين الدخل القومي الإجمالي ومعدل الاستهلاك العام، مما يعكس تأثير تزايد النفقات الاستهلاكية على حساب القدرة الادخارية لدى الأفراد والأسر.
وترجع أسباب هذا التراجع، بحسب خبراء ومحللين اقتصاديين، إلى عدة عوامل من بينها ضعف القوة الشرائية نتيجة التضخم المستمر، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتزايد الأعباء المالية على العائلات بفعل ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور الفعلية. كما تسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي خلال السنوات الأخيرة في خلق مناخ من عدم اليقين، دفع الكثيرين لتفضيل الإنفاق الفوري على حساب الادخار لمواجهة المتطلبات اليومية.
وأدى هذا الوضع إلى تراجع المدخرات الأسرية، الأمر الذي انعكس سلبًا على قدرة النظام المصرفي على توفير التمويلات الضرورية لدعم الاستثمار المحلي وتنشيط حركة الاقتصاد. ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا الاتجاه قد يُضطر الدولة إلى مزيد من الاستدانة الخارجية، وهو ما قد يضاعف من الأعباء المالية في المستقبل ويقيد خيارات التنمية.
وفي ختام حديثه، دعا الشكندالي إلى ضرورة تبني سياسات اقتصادية داعمة للادخار، وتحسين البيئة الاستثمارية، إلى جانب معالجة التضخم ودعم القوة الشرائية للمواطنين، في محاولة لاستعادة مستويات الادخار الكافية وضمان تمويل داخلي متوازن للاقتصاد التونسي.
