الاقتصاد التونسي يواجه أزمة الادخار: انخفاض غير مسبوق يهدد الاستثمارات
شهدت تونس خلال الأعوام الأخيرة تراجعاً حاداً في معدلات الادخار لدى العائلات، وهو ما ألقى بظلاله السلبية على قدرة الاقتصاد الوطني في تمويل الاستثمارات الداخلية والاعتماد على الموارد الذاتية. وفي حديثه عبر إذاعة إكسبريس أف أم، نبه الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي إلى خطورة هذا التراجع، حيث وصلت نسبة الادخار الوطني في سنة 2024 إلى حوالي 5.7% فقط، مقارنة بـ23.5% في عام 2001.
وأكد الشكندالي أن الانخفاض غير المسبوق في الادخار يعود إلى تدهور القدرة الشرائية لدى العائلات التونسية نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار مقابل نمو ضعيف في الأجور. هذا التراجع يجعل الأسر غير قادرة على توفير فائض من الدخل للادخار، مما أثر بشكل مباشر على حجم المدخرات الوطنية.
وأشار الخبير إلى أن الادخار يعتبر من المؤشرات الأساسية التي تحدد قدرة الدولة على تمويل مشاريعها الاستثمارية من مواردها الذاتية، وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي الذي قد يحمل البلاد أعباء الديون والفوائد المترتبة عنها. ومع تقلص حجم المدخرات المحلية، يجد الاقتصاد الوطني نفسه أمام تحديات هيكلية في جذب الاستثمار وتعزيز النمو.
ويرى الشكندالي أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب إصلاحات عميقة، أولها تحسين الظروف المعيشية للعائلات وترشيد النفقات العمومية، مع ضرورة تحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات التي تساهم في رفع معدلات الادخار.
وفي ظل هذه المعطيات، يؤكد خبراء الاقتصاد على أهمية توجه صناع القرار نحو سياسات تشجع الادخار وتدعم الاستهلاك المسؤول، إلى جانب ربط السياسات المالية بالنمو الاقتصادي لتفادي مزيد من الانزلاق في مستويات الادخار الوطني.
يبقى السؤال المطروح اليوم: كيف يمكن لتونس أن تستعيد توازنها المالي وتعيد معدلات الادخار إلى مستوياتها السابقة لدفع عجلة التنمية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية؟
