الانقسامات تتصدر المشهد التونسي عشية دعوات الاحتجاج: أصوات متعددة وتحالفات تتصدع
شهدت الساحة السياسية التونسية في الأيام الأخيرة حالة من الاستقطاب الحاد، مع تصاعد الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات غير الرسمية للخروج في تحركات احتجاجية يوم 25 يوليو 2025، والتي كان من المزمع أن تنطلق من ساحة محمد علي الحامي، قبالة مقر الاتحاد العام التونسي للشغل.
قد تباينت المواقف والبيانات بين مختلف الأطراف السياسية والمدنية المنضوية تحت ما يُعرف بالقوى الديمقراطية والتقدمية، حيث صدرت تصريحات وبيانات منفصلة كشفت عن خلافات عميقة وانقسامات مستمرة بشأن أولويات العمل السياسي وسبل مواجهة التحديات الراهنة في البلاد.
في هذا السياق، عبّر الاتحاد العام التونسي للشغل عبر بيان رسمي عن موقفه من هذه التحركات، مؤكداً التزامه بثوابته وحرصه على مواصلة النضال الاجتماعي والوطني، لكنه شدّد في الوقت ذاته على ضرورة تحلّي جميع الأطراف بروح المسؤولية والابتعاد عن الدعوات الشعبوية أو الاقتراب من الحسابات الحزبية الضيقة على حساب القضايا الكبرى ومصلحة تونس.
وانعكست هذه الأجواء المنقسمة على تنسيق التحركات المشتركة؛ إذ غابت الرؤية الموحدة بين مختلف مكونات الحراك المدني، في ظل اختلاف الشعارات والمطالب والأولويات، وتبادل الاتهامات حول أسباب الوضع الراهن وأدوات معالجته.
يرى مراقبون أن المرحلة الحالية تتسم بتراجع قدرة القوى الديمقراطية والتقدمية على تقديم مبادرة جامعة تتجاوز التجاذبات، وسط حالة من عدم اليقين حول مسارات الإصلاح السياسي ومخرجات الحوار الوطني المرتقب إن وجد. وتستمر الأزمة السياسية والاجتماعية في الضغط على الشارع التونسي، وتثير تساؤلات متزايدة حول قدرة الفاعلين الرئيسيين على تجاوز الانقسامات وتوحيد الجهود لصالح مستقبل البلاد واستقرارها.
تعكس هذه التطورات تشابك المسارات بين العمل الاحتجاجي وانشطار العناوين السياسية، الأمر الذي يجعل التنسيق بين القوى المتقاربة فكريًا وتحويله إلى فعل مشترك فعال أشبه بـ”ترف سياسي” يصعب تحقيقه في ظل الظروف الراهنة، إلا بتوافق حقيقي وإرادة صلبة تتجاوز الخلافات التقليدية وتبحث عن حلول واقعية تنقذ تونس من أزمتها المعقدة.