الجالية التونسية في فرنسا: الواقع بين الأرقام والتحديات
تشهد فرنسا تواجداً كبيراً للجالية التونسية، حيث تشير مصادر رسمية وإعلامية إلى أن عدد التونسيين في فرنسا بلغ قرابة 976 ألف شخص حتى عام 2024، منهم من يحمل جنسية مزدوجة أو وُلد في فرنسا، ويشكّلون بذلك إحدى كبرى الجاليات التونسية في الخارج.
يتميز التونسيون في فرنسا بتنوع قطاعات نشاطهم، إذ ينشط نصفهم تقريباً في مهن مختلفة، بينما يمثل النصف الآخر طلابًا وتلاميذ يسعون إلى تطوير مساراتهم العلمية. غير أن حياة الجالية ليست دائمًا هادئة أو سهلة، إذ يواجه العديد منهم تحديات متصلة بالاندماج، وضغوطات اقتصادية واجتماعية، بالإضافة إلى تعقيدات مرتبطة بالحصول على الإقامة أو الجنسية وكذلك صعوبات في سوق العمل.
ورغم ما هو شائع حول هدوء الجالية التونسية في فرنسا وجنوحها للاندماج، إلا أن الوقائع المسجلة لدى السلطات الفرنسية تكشف أوجهًا أخرى لهذا التواجد، بما في ذلك قضايا الترحيل التي سجلت ارتفاعاً في أعداد المرحلين خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع عدد التونسيين المرحلين من فرنسا من 621 فرداً عام 2021 إلى 1,295 حالة سنة 2024، ما يعكس جزءًا من تعقيدات العلاقة مع المؤسسات الفرنسية وضغوط السياسات الأوروبية تجاه المهاجرين.
على صعيد آخر، تبقى الجالية التونسية فاعلة في دعم الاقتصادين التونسي والفرنسي على حد سواء، من خلال تحويلاتهم المالية ومساهماتهم في مختلف القطاعات. ويسعى الكثير من الجيلين الثاني والثالث إلى الحفاظ على روابطهم بثقافتهم الأصلية مع الانفتاح والاندماج في المجتمع الفرنسي.
في المجمل، يعكس التواجد التونسي في فرنسا صورة متنوعة ومعقدة، تجمع بين نجاحات الأفراد والتحديات اليومية التي تفرضها الحياة في بلد الهجرة، وتدفع الجالية إلى البحث الدائم عن التوازن بين هويتهم التونسية ومتطلبات الحياة في المجتمع الفرنسي.