الجدل حول الاكتشافات النفطية بين تونس وليبيا: تقييم للحقائق والشائعات
انتشرت في السنوات الأخيرة، عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية العربية والأجنبية، مزاعم مثيرة بشأن وجود احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي في منطقة الحدود المشتركة بين تونس وليبيا. واستندت هذه المزاعم إلى ما قيل إنه تقرير من “هيئة المسح الجيولوجي الأميركية” (USGS) يشير إلى وجود حوضين كبيرين من الموارد الطاقية يمتدان بين البلدين، مع تقديرات صادمة لحجم المخزون تصل إلى 4 تريليونات برميل من النفط، ونحو 38.5 تريليون قدم مكعّبة من الغاز.
رغم جاذبية هذه الأرقام وتداولها الواسع عبر الإنترنت، إلا أن المختصين والخبراء يرون أن ما يُشاع يحتاج لمراجعة دقيقة وتدقيق من مصادر رسمية وموثوقة. إذ تكررت الأخبار المغلوطة أو المبالغ فيها حول كنوز طاقية مزعومة تمتد بين دول المنطقة، وغالباً ما تستند إلى أوراق أو تقارير يصعب التأكد من مصدرها أو مدى دقتها.
عند مراجعة البيانات الرسمية التي تصدرها الجهات الحكومية في تونس وليبيا، إضافة إلى تقارير المؤسسات الدولية المرموقة مثل وكالة الطاقة الدولية وهيئة المسح الجيولوجي الأميركية نفسها، لا نجد ما يؤكد صحة الأرقام المتداولة أو وجود ما يسمى بـ”الكنز النفطي” بتلك الكميات الهائلة. فقد صدرت عدة تقارير رسمية نفت وجود دراسة بهذا الحجم عن المنطقة المذكورة من قبل هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أو صدور نتائج مشابهة ضمن منشوراتها.
واعتبر خبراء في مجال الطاقة أن تداول مثل هذه الأرقام الخيالية يفتقر إلى الدقة العلمية، ويأتي غالباً في سياق حملات تضليل إعلامي أو توسع في التوقعات مستند إلى مؤشرات أولية فقط. كما أن القطاع الطاقي في تونس وليبيا يواجه تحديات تتعلق بالاستكشاف والاستثمار وبنية تحتية محدودة، وهو بعيد عن الأرقام الضخمة التي يتم تداولها على مواقع التواصل.
في الخلاصة، تبدو معظم المزاعم حول اكتشاف مخزون هائل من النفط والغاز على الحدود بين تونس وليبيا غير مثبتة علمياً وتحتاج إلى تحقق جاد من قبل الجهات ذات الصلة. كما ينبغي على المواطنين ووسائل الإعلام توخي الدقة واستشارة الخبراء قبل تداول مثل هذه البيانات المثيرة للجدل.
