الدينار التونسي بين المعايير الاسمية والاقتصادية: نقاش يتجدد حول واقعه وقيمته

أثارت تصريحات رئيسة الحكومة التونسية، سارة الزعفراني الزنزري، خلال الجلسة العامة المشتركة لمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات بخصوص عرض مشروع قانون المالية للسنة القادمة، جدلاً في الأوساط الاقتصادية والإعلامية حول تقييم وضع الدينار التونسي.

قالت الززنزري إن الدينار التونسي يُعتبر أقوى عملة في إفريقيا من حيث قيمته الاسمية مقابل الدولار الأمريكي، مشيرةً إلى أن ذلك تحقق رغم أن تونس ليست من البلدان التي تمتلك ثروات نفطية أو تصدر سلعاً مرتفعة القيمة كما هو الحال في بعض الدول المجاورة. وأضافت أن الحكومة ستواصل العمل على السيطرة على التضخم وتحسين مؤشرات الاقتصاد الوطني في ظل التحديات الراهنة.

وأشارت الزنزري إلى أن نسبة النمو المتوقعة بموجب مشروع قانون المالية للعام 2026 تُقدَّر بنحو 3.3%، وهو ما تسعى الحكومة لتحقيقه من خلال سياسات اقتصادية محفزة وإجراءات إصلاحية في عدة قطاعات أساسية، الأمر الذي من شأنه رفع الدخل الفردي وإعطاء دفع جديد للاستثمار المحلي والأجنبي.

مع ذلك، يرى خبراء اقتصاديون أن مقارنة القوة بين العملات الوطنية استناداً للقيمة الاسمية وحدها لا يُجسد بالضرورة حقيقة وضعها الاقتصادي أو قوتها الشرائية. فالقيمة الاسمية، أي تلك المدونة على الورقة النقدية أمام الدولار، ليست مؤشراً كافياً للحكم على أداء العملة، إذ تؤثر في ذلك عدة عوامل أخرى من أهمها معدل التضخم، ومستوى دخل المواطنين، وقوة الاقتصاد بشكل عام.

من جهته، علق الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي على هذه التصريحات قائلاً إن اعتبار الدينار التونسي كأقوى عملة في إفريقيا من حيث القيمة الاسمية لا يعكس واقعه الحقيقي، حيث تتطلب دراسة القيمة الفعلية للعملة الأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية والاستقرار الاقتصادي، فضلاً عن المؤشرات الكلية ومقارنة الأداء الاقتصادي مع العملات الأخرى في القارة.

وأوضح الشكندالي أن إدارة السياسة النقدية للبلاد يجب أن تركز على دعم القطاعات المنتجة وزيادة الصادرات وتحسين مناخ الاستثمار، ما من شأنه تعزيز موقع الدينار التونسي بشكل فعلي في الأسواق الإقليمية والدولية، وليس الاعتماد على القيمة الاسمية فقط.

تبقى قضية تقييم العملة التونسية بين المعيار الاسمي والواقعي محل جدل ونقاش بين صانعي القرار والمهتمين بالشأن الاقتصادي، بينما تواصل الحكومة جهودها للبحث عن توازن يحقق الاستقرار النقدي ويواكب تطلعات التنمية والنمو.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *