الدينار التونسي بين قوته الاسمية وتحديات الواقع الاقتصادي

في ظل مناقشة مشروع قانون المالية لعام 2026، أثارت تصريحات رئيسة الحكومة التونسية سارة الزعفراني الزنرري نقاشاً واسعاً حول وضعية الدينار التونسي وآفاق الاقتصاد الوطني. أشارت الزنرري إلى أن الدينار التونسي يُصنف حالياً كواحد من أقوى العملات الإفريقية قياساً بالقيمة الاسمية مقابل الدولار الأمريكي. ويأتي هذا في وقت تفتقر فيه البلاد لموارد نفطية أو صادرات ضخمة كالتي تتوفر لبعض جيرانها في القارة.

وأوضحت رئيسة الحكومة أن تحسن الدينار يعود لجملة من الإصلاحات وإجراءات الرقابة المالية التي اعتمدتها السلطات خلال الفترات الماضية. ولفتت إلى أن عمليات تعزيز مخزون العملة الصعبة والتحكم في نسب التضخم ساهمت في الحد من تدهور العملة الوطنية خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع الدينار بنسبة 2.8% مقابل الدولار و0.5% مقارنة باليورو، حسب أرقام رسمية. وقد اعتبرت الزنرري أن سنة 2026 تمثل نقطة انطلاق جديدة للاقتصاد التونسي نحو التعافي والنمو الأخضر.

برغم هذه المؤشرات، أثار خبراء الاقتصاد جدلاً واسعاً حول مدى تعبير القوة الاسمية للدينار عن قيمته الحقيقية. فالقيمة الاسمية تحددها أسعار صرف العملات فقط، بينما تتعلق القوة الشرائية الفعلية بالدينار بمستوى الدخل الفردي وتكلفة المعيشة داخل البلاد. ويؤكد خبراء أنه رغم ثبات سعر الصرف نسبياً، فإن ارتفاع الأسعار المحلية وضعف الإنتاجية ما تزالان تحديان رئيسيين أمام الاقتصاد التونسي.

في سياق متصل، عبّرت الحكومة عن التزامها بمواصلة برامج الإصلاحات المالية ودعم الاستثمارات المحلية والدولية لتنشيط الدورة الاقتصادية. كما أكدت أن مشروع قانون المالية الجديد يواصل العمل على تحقيق التوازن المالي وتكريس العدالة الاجتماعية، من خلال توسيع الضرائب على الثروة وتحسين العدالة الجبائية، الأمر الذي من شأنه تعزيز مناعة الاقتصاد الوطني مستقبلًا.

ختاماً، تبقى مسألة التوفيق بين استقرار العملة وتطوير الأداء الإنتاجي والاقتصادي من أهم التحديات المطروحة على تونس في المرحلة القادمة، وسط آمال بأن تترجم القوة الاسمية للعملة إلى واقع اقتصادي ملموس يشعر به المواطنون في حياتهم اليومية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *