السلطات الألمانية تمهد لتسليم متهم ليبي بجرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية
ألقت الجهات الأمنية الألمانية القبض مؤخرًا على المواطن الليبي خالد الهشيري، المعروف بلقب “البوتي”، وذلك أثناء تواجده في ألمانيا، حيث يُعد أحد أبرز معاوني أسامة نُجيم. وتأتي هذه العملية في إطار التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الخطيرة العابرة للحدود.
ووفق ما أوردته الصحافة الأوروبية، ومن بينها صحيفة «أفينير» الإيطالية، فإن القبض على الهشيري جاء بناءً على طلب من المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه باتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية داخل سجن معيتيقة في ليبيا. وتشمل هذه الاتهامات الاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، مستندة إلى تقارير صادرة عن الأمم المتحدة منذ عام 2021، والتي سلطت الضوء على انتهاكات جسيمة تعرض لها محتجزون في هذا السجن.
ويُعتبر ملف الهشيري جزءًا من الحملة الدولية لملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات في السجون الليبية، حيث تؤكد منظمات حقوق الإنسان استمرار حالات الاعتقال خارج إطار القانون، إضافة إلى ممارسة أنواع متعددة من التعذيب بحق السجناء، مما تسبب في إدانات واسعة من المجتمع الدولي. وتأتي خطوة ألمانيا بتوقيف الهشيري ضمن التزامها بالمعايير الأوروبية والدولية لمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب.
وقد باشرت الجهات المختصة في ألمانيا بالتنسيق مع السلطات القضائية والإنتربول، العمل على استكمال الإجراءات القانونية لتسليم الهشيري إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ويعد هذا الحدث نقلة هامة في جهود ملاحقة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية على الأراضي الليبية، خاصةً مع تصاعد الضغوط الدولية لوضع حد لظاهرة السجون غير القانونية في البلاد.
يشار إلى أن خالد الهشيري كان من الأسماء المتداولة في تقارير حقوقية وإعلامية عديدة، حيث يتهمه الضحايا بالضلوع في إدارة وتنفيذ عمليات تعذيب واحتجاز قسري داخل سجن معيتيقة الذي عُرف بكونه مركزًا للانتهاكات طوال السنوات الماضية. وقد طالبت عدة منظمات دولية منذ سنوات بتقديم المسؤولين عن تلك الجرائم إلى العدالة، معتبرة أن الإفلات من المحاسبة يشجع تفشي الانتهاكات.
من ناحية أخرى، أكدت مصادر قضائية ألمانية أن عملية التسليم ستتم وفق الضوابط المتبعة في الاتفاقيات الدولية، مع التأكيد على توفير ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم. وتتابع مؤسسات المجتمع المدني والمهتمون بحقوق الإنسان مجريات هذه القضية عن كثب، باعتبارها اختبارًا لجدية الدول الأوروبية في التعامل مع ملفات الجرائم الدولية.
ويمثل هذا التطور بارقة أمل لضحايا الانتهاكات في ليبيا، إذ يعكس تزايد التعاون بين الدول وهيئات العدالة الدولية لمحاسبة المتورطين في الجرائم الأكثر خطورة على مستوى العالم. وتنتظر الأوساط الحقوقية أن يشكل تسليم الهشيري سابقة لتعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة في ليبيا وخارجها.