السلطات الإيطالية تحقق في تصدير ملابس غير صالحة إلى تونس عقب تحقيق إعلامي
أعلنت السلطات القضائية في العاصمة الإيطالية عن فتح تحقيق رسمي بشأن صادرات الملابس المستعملة من إيطاليا إلى تونس، وسط اتهامات بتحويل التبرعات الأوروبية من الملابس إلى نفايات تصدّر إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي. تأتي هذه الخطوة عقب تقارير إعلامية بثها برنامج “Report” على قناة RAI 3 الإيطالية بالتعاون مع منظمة “غرينبيس إيطاليا”، حيث سلط الضوء على توريد كميات ضخمة من الملابس التي يفترض أن تكون تبرعات، إلا أنها في الواقع تتحول في جزء كبير منها إلى نفايات يُلقى بها في دول نامية، من ضمنها تونس.
ووفقاً لما كشفه التقرير، فإن ملايين الأطنان من الملابس يتم جمعها سنوياً في إيطاليا ودول أوروبية أخرى بهدف إعادة توزيعها كتبرعات للأسر الفقيرة في أفريقيا وعدة دول منها تونس. غير أن عملية التصدير في كثير من هذه الحالات لا تراعي معايير جودة الملابس ولا تلتزم بإجراءات الفرز الضرورية، إذ ينتهي المطاف بكميات ضخمة من الملابس غير الصالحة للاستخدام على شكل نفايات يصعب التخلص منها، مما يشكل عبئاً بيئياً واقتصادياً على البلدان المستقبِلة.
النائب التونسي السابق مجدي الكرباعي، والذي يتابع الملف عن قرب، أشار إلى أن السلطات الإيطالية بدأت التحقيقات على خلفية ما نشره التقرير المشترك بين جهات إعلامية ومنظمات بيئية، حيث تم توثيق عمليات نقل وحاويات محملة بملابس مستعملة صنّفت لاحقاً كنفايات. وأوضحت منظمة “غرينبيس” أن حجم النفايات النصية المصدرة إلى إفريقيا يقدر بمئات الآلاف من الأطنان سنوياً، وقد استقبلت دول مثل تونس وغانا وأنغولا وبلدان إفريقية أخرى نحو 900 ألف طن سنة 2022 وحدها.
هذا الملف يسلط الضوء على إشكالية تدوير الملابس في أوروبا وآثارها البيئية الخطيرة على الدول النامية، إذ غالباً ما تعجز هذه البلدان عن إدارة النفايات المستوردة أو إعادة تدويرها بالشكل اللازم. من جهتها، أكدت السلطات الإيطالية حرصها على متابعة القضية وكشف الجهات والشركات المتورطة، إضافة إلى مراجعة الشروط المنظمة لعمليات تصدير الملابس المستعملة لضمان عدم الإضرار بالبيئة أو الصحة في الدول المستقبلة.
وتنتظر تونس ومعها منظمات المجتمع المدني نتائج التحقيقات القضائية في إيطاليا لمعرفة مدى التزام شركات التصدير بالقوانين حماية لمصالح البلاد وطبيعتها البيئية، بينما يتواصل الجدل حول ضرورة تشديد الرقابة الأوروبية على صادرات النفايات والنظر في الحلول المستدامة لإعادة الاستفادة من الملابس المستعملة داخل دول الاتحاد نفسه.