الصين تبرز كلاعب جديد في سوق زيت الزيتون: مستقبل الريادة التونسية بين التحديات والفرص
تشهد سوق زيت الزيتون العالمية تحولات لافتة، مع دخول منافسين جدد يسعون إلى إعادة رسم خارطة هذه الصناعة التي طالما ارتبطت بحوض البحر الأبيض المتوسط. في مقدّمة هذه التحولات، يبرز تقدم الصين كلاعب ناشئ وطموح، في وقت تواصل فيه تونس تعزيز مكانتها التاريخية كثاني أكبر منتج عالمي بعد الاتحاد الأوروبي.
تونس، المعروف عنها جودة زيت الزيتون المستخرج من أكثر من 80 مليون شجرة زيتون، تستعد لموسم وفير خلال 2024-2025، مع توقعات تشير إلى إنتاج يتجاوز 340 ألف طن. ويُعزز هذا الرقم مكانة تونس ضمن الكبار في سوق تقدّر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات سنوياً. غير أن الأضواء اتجهت مؤخرًا شرقاً حيث تزداد الصين استثمارًا في قطاع زيت الزيتون.
الصين، التي كانت تُعد حتى فترة قريبة سوقًا ناشئة ومستوردًا رئيسيًا لزيت الزيتون من أوروبا وتونس، تحوّلت تدريجيًا إلى منتج بقدرة إنتاجية تراوحت في السنوات الأخيرة بين 60 و80 ألف طن سنوياً. مناطق مثل قانسو وسيشوان أصبحت اليوم تزرع كميات متزايدة من أشجار الزيتون، مع اعتماد تكنولوجيا الزراعة الذكية ونقل تجارب الدول المتوسطية.
يرى مراقبون أن الحضور الصيني المتزايد في هذه السوق يطرح تحديات أمام المنتجين التقليديين على مستوى الأسعار والحصة السوقية، خاصة مع مساعي بكين لتطوير تصدير الزيت الصيني. في المقابل، تعتبر السوق الصينية نفسها فرصة واعدة أمام زيت الزيتون التونسي عالي الجودة، حيث تعمل تونس بنشاط على تعزيز علاماتها التجارية وتطوير الشراكات مع مستوردين صينيين.
يقول مسؤول بمركز النهوض بالصادرات بتونس إن التعاون التونسي الصيني قد يكون عامل دفع كبير للقطاع، في ظل خبرة الصين بتسويق العلامات والرقمنة، مشيراً إلى أهمية التركيز على التصدير المعبأ بدل المواد الخام لتعزيز القيمة المضافة. كما سجلت صادرات تونس من زيت الزيتون قفزة واضحة خلال 2025 مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة في ظل الطلب المتزايد عالميًا.
في حين تبقى تونس حاليًا في موقع الريادة خارج الاتحاد الأوروبي، يتطلب الحفاظ على هذا الموقع مواصلة الابتكار وتطوير جودة المنتجات ومواكبة التحولات التقنية. فتقدّم الصين في هذا المجال يُعد محفزًا لمنتجي الزيتون في تونس على مراجعة استراتيجياتهم والاستفادة من الفرص الجديدة بدلاً من الاكتفاء بالدفاع عن الحصة الكلاسيكية في السوق.
في الخلاصة، قد يشكّل دخول الصين إلى قائمة كبار منتجي زيت الزيتون تحديًا من ناحية تزايد المنافسة، لكنه في الوقت نفسه يوسع آفاق التصدير ويدفع الصناعة التونسية إلى التجديد والتطور، ما يعزز حضورها العالمي ويكرّس موقعها التاريخي ضمن كبار منتجي الذهب الأخضر.
