الصين تدخل سوق زيت الزيتون: هل تواجه تونس تحديًا جديدًا في ريادتها العالمية؟
تشهد سوق زيت الزيتون العالمية تحولات متسارعة في السنوات الأخيرة، مع بروز الصين كمنافس جديد في هذا المجال رغم حداثة تجربتها مقارنة بالدول المتوسطية التقليدية مثل تونس. فبينما تحتفظ تونس بمكانتها كواحدة من أكبر منتجي ومصدري زيت الزيتون عالميًا، تظهر الصين اليوم كلاعب طموح يسعى إلى تعزيز حضوره في هذه السوق ذات القيمة العالية.
تلعب تونس دورًا محوريًا في أسواق زيت الزيتون، حيث تشير الإحصائيات الرسمية لعام 2025 إلى تصديرها نحو 195 ألف طن من الزيت إلى أكثر من 60 دولة، مع توجه واضح لاقتحام أسواق جديدة في آسيا وأمريكا الجنوبية وتعزيز علاقاتها مع الشريك الصيني. ولا يخفى أن تونس كثّفت في الأعوام الأخيرة جهودها لجذب المستهلك الصيني، ساعية إلى فتح قنوات تسويق مبتكرة والاستفادة من النمو السريع في الطلب الصيني على المنتجات الغذائية الصحية وذات الجودة العالية.
أما على الصعيد الصيني، فقد تحولت البلاد من مستورد للزيت المتوسط إلى منتج يسعى لفرض نفسه، مستفيدة من التطور التقني واستثمارها المتزايد في قطاع الزيتون. ومع ذلك، تظل صادرات الصين ومكانتها السوقية متواضعة مقارنة بتونس والدول المتوسطية الأخرى مثل إسبانيا وإيطاليا، حيث ما تزال أوروبا تهيمن على حصة الأسد من واردات الزيت إلى الصين، مع بلوغ صادرات إسبانيا وحدها عشرات آلاف الأطنان سنوياً للأسواق الصينية.
ورغم المنافسة المتصاعدة، يرى خبراء القطاع الزراعي والغذائي أن التجربة الصينية في إنتاج زيت الزيتون ما تزال في بداياتها ولا تمثل حتى الآن تهديدًا مباشرًا لريادة تونس المطردة على المستوى العالمي. لكن دخول الصين المضمار يدفع تونس إلى مزيد من الإبداع التسويقي والبحث عن الفرص في أرجاء القارة الآسيوية، خاصة مع اتساع شريحة المستهلكين الباحثين عن نمط حياة صحي.
يُجمع كثيرون على أن الصراع لن يكون فقط على الكم بقدر ما هو على الجودة والابتكار والوصول إلى أذواق المستهلكين الجدد. فبينما تملك تونس تقاليد عريقة وخبرة طويلة في زراعة وصناعة الزيتون، تسعى الصين إلى تعويض الفارق من خلال التكنولوجيا ومواردها البشرية الهائلة. في مواجهة هذه المعطيات، يبقى مستقبل سوق زيت الزيتون مفتوحًا أمام مزيد من المنافسة والتغيير، مع توقعات بانتعاش صادرات تونس إذا نجحت في الاستجابة للتحديات ومواصلة تحسين جودة إنتاجها.
