الصين تقتحم سوق زيت الزيتون: هل تزداد الضغوط على المنتجين التونسيين؟
شهد قطاع زيت الزيتون تحولات لافتة خلال الأعوام الأخيرة، حيث بدأت الصين، المعروفة سابقاً باستهلاكها المتزايد لزيت الزيتون المستورد وخاصة المتوسطّي، في التحوّل نحو الإنتاج المحلي بهدف دخول سوق تقدر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات سنوياً. هذا التحول فرض تحديات جديدة أمام البلدان الرائدة في هذا القطاع مثل تونس.
تونس لها سمعة عالمية في إنتاج زيت الزيتون عالي الجودة وتحتل المراتب الأولى في التصدير على الصعيد العالمي. ومع توسع الاستهلاك في الأسواق الآسيوية وخصوصاً الصينية، سعت تونس إلى تعزيز التعاون مع الصين، سواء عبر تصدير زيت الزيتون المعبأ بعلامات تونسية أو حتى الدخول في شراكات للاستفادة من خبرات الصين في مجال تكنولوجيا الزراعة الذكية وأساليب التسويق.
غير أن تطور صناعة زيت الزيتون في الصين بدأ يثير قلق المنتجين التونسيين، خاصة مع توجه بعض الفلاحين الصينيين إلى الاستثمار في غراسة ملايين أشجار الزيتون وتطبيق تقنيات حديثة في الإنتاج. فعلى الرغم من تواضع حجم الإنتاج الصيني مقارنة بدول البحر الأبيض المتوسط، إلا أن وتيرة النمو والتحفيزات الحكومية تشير إلى رغبة الصين في تحقيق اكتفاء ذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات تدريجياً.
من الناحية الأخرى، لا تزال السوق الصينية تمثل فرصة مهمة لزيت الزيتون التونسي بفضل الجودة والسمعة، كما تسعى تونس إلى ترسيخ مكانتها من خلال التركيز على تصدير الزيت المعبأ بدل المواد الخام، ما يمنح المنتج قيمة مضافة ويعزز من قدرة المنافسة. وفضلاً عن الفوائد المرجوة من التعاون مع الشركات الصينية، فإن الابتكار في طرق التصنيع والتسويق وتحسين معايير الجودة يظل عاملاً أساسياً لضمان استمرار الريادة.
في المجمل، دخول الصين كمنتج مهم في سوق زيت الزيتون يفرض تحديات لكنه لا يمثّل تهديداً مباشراً في الوقت الحالي لهيمنة تونس، بل بإمكانه أن يكون دافعاً لمزيد من التجديد والانفتاح ومواصلة تطوير هذا القطاع الحيوي.
