المشهد الاقتصادي في تونس: احتكار قلة عائلية وصعوبات أمام المستثمرين الجدد
سلط الباحث سامي الجلولي مؤخرًا الضوء على واقع الاقتصاد التونسي، معربًا عن قلقه من سيطرة نخبة محدودة من العائلات على النشاط الاقتصادي وتوزيع الثروة في البلاد. وأكد الجلولي في تصريحاته أن نحو ثلاثين عائلة فقط تتولى إدارة كبرى القطاعات الاقتصادية، وتتحكم بشكل غير مباشر في الموارد والاستثمارات.
وأوضح الجلولي أن مصادر ثروات بعض هذه العائلات معروفة ونتجت عن أنشطة تجارية مشروعة وشفافة. إلا أن معظم أفراد هذه النخبة الاقتصادية تمكنوا من جمع ثرواتهم في ظروف تشوبها الضبابية، خاصة بعد تطبيق قانون 72 الذي تم سنه قبل عقود بهدف تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي. وأشار إلى أن هذا القانون استُغل أحيانًا لتسهيل الاحتكار وتراكم الثروات لدى فئة ضيقة من المجتمع، بدل إتاحة الفرص أمام شريحة أوسع من التونسيين.
ويرى الجلولي أن استمرار هذا المشهد الاقتصادي المغلق يحد من فرص المبادرة والاستثمار أمام أصحاب المشاريع الجدد، مما يؤدي إلى اختلال التوازن في توزيع الثروة داخل البلاد ويخلق بيئة اقتصادية غير تنافسية. ويدعو الجلولي إلى مراجعة شاملة للأطر القانونية والسياسات الاقتصادية القائمة، بهدف تعزيز الشفافية والانفتاح وجذب المزيد من الاستثمارات لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق تكافؤ الفرص.
ويؤكد عدد من الخبراء أن معالجة هذه الإشكالات تتطلب إرادة سياسية حقيقية وإصلاحات جذرية تراعي العدالة الاقتصادية، بحيث يتم الحد من أشكال الاحتكار وفتح المجال أمام جميع المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب. ويشيرون كذلك إلى أهمية تطوير البيئة الاستثمارية لتحفيز النمو الاقتصادي وتجديد الطبقات المنتجة بعيدًا عن الاستقطاب التقليدي للثروة.
في الختام، يبقى مستقبل الاقتصاد التونسي رهين قرارات جريئة نحو الإصلاح، لإحداث توازن جديد يعزز الشفافية ويضمن إتاحة الفرص أمام جميع الراغبين في المساهمة بتنمية البلاد.
