النقاش حول تأميم موارد الطاقة في تونس: بين الرؤى الاقتصادية والواقع الحالي
أثار خطاب النائب أحمد السعيداني حول ضرورة تأميم قطاع النفط والثروات الطبيعية في تونس موجة واسعة من النقاش بين مختلف الأوساط السياسية والاقتصادية خلال الفترة الأخيرة. هذه الدعوة التي جاءت وسط تحديات اقتصادية تواجهها البلاد، دفعت العديد من المتابعين إلى التساؤل عن جدوى مثل هذا الطرح ومدى وقعيته في ظل الظروف الحالية.
يرى مؤيدو التأميم أن التحكم الوطني الكامل في عائدات وإدارة الموارد الطبيعية يمكن أن يكون خطوة لتعزيز السيادة الاقتصادية وتحقيق العدالة في توزيع الثروات. ويعتبرون أن خروج عائدات النفط من تحت سلطة الدولة قد يؤدي إلى تزايد التفاوت الاجتماعي ويحرم البلاد من إمكانيات تمويل إضافية للمشاريع الوطنية.
في المقابل، ينبه عدد من الخبراء إلى أن تطبيق سياسة التأميم في قطاع الطاقة يتطلب إمكانيات مالية وتقنية كبيرة قد لا تتوفر حاليًا في تونس. ويشير هؤلاء إلى أن البلاد تنتج قرابة أربعين ألف برميل نفط يوميًا فقط، وهو رقم لا يغطي حتى نصف احتياجات السوق المحلية، ما يفرض على الدولة استيراد كميات كبيرة لتلبية الطلب.
ويضيف المتابعون أن مثل هذه الطروحات غالبًا ما ترتبط بفترات الحملات الانتخابية حيث يسعى بعض السياسيين إلى استغلال رمزية هذه الشعارات لكسب تعاطف الناخبين، دون تقديم حلول عملية لمشاكل القطاع الطاقي، خاصة في ظل تحديات البنية التحتية ونقص الخبرات التكنولوجية.
تعيش تونس اليوم لحظة مفصلية تتطلب معالجات استراتيجية لقطاع الطاقة بعيدًا عن الطروحات الآنية أو الشِعاراتية، وذلك من خلال البحث عن سبل تطوير القدرات الوطنية، جذب الاستثمارات، ودعم الشراكات مع القطاع الخاص، بما يسمح بتحقيق التوازن بين تحقيق السيادة على الثروات وبين ضمان استمرارية التزود وتقوية الاقتصاد.
وفي خضم هذا الجدل، يبقى الملف مفتوحًا للنقاش بين كافة الفاعلين في المشهد التونسي، وسط تطلعات لتحقيق حلول تضمن المصلحة الوطنية على المدى البعيد.
