تأثير الاقتصاد الريعي على القطاعات الحيوية في تونس: دراسة استراتيجية جديدة

أصدر المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية دراسة مفصّلة تحمل عنوان “سياسة مكافحة اقتصاد الريع في تونس: نحو نمو مستدام وشامل” خلال شهر أكتوبر 2025، من إعداد الباحثة هالة بن حسين خلادي، وُجّهت إلى رئاسة الجمهورية، وتتناول أبعاد وتداعيات استمرار الاقتصاد الريعي على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تستند الدراسة إلى تشخيص علمي ودقيق للواقع التونسي، حيث ترصد كيف أن سيطرة الاقتصاد الريعي أفرزت تحديات أمام التنمية، وفاقمت من التفاوت الاجتماعي وعرقلت مسارات الإصلاح الاقتصادي. وتوضح الدراسة أن الاقتصاد الريعي في تونس يتجلى عبر سيطرة مجموعات محددة على الموارد والفرص، ما يحد من المنافسة ويؤثر بشكل سلبي على الشفافية ويضع العراقيل أمام الاستثمار.

وقد تعرضت الدراسة لعدد من القطاعات الحيوية التي كان لها نصيب الأسد من تأثيرات النظام الريعي وأهمها:

1. قطاع النقل والموانئ: حيث سجل احتكار مجموعات بعينها للخدمات اللوجستية والعمليات المينائية، ما انعكس على تكلفة وجودة الخدمات.
2. قطاع المحروقات والطاقة: إذ بقيت عقود الامتياز ونسب التوزيع رهينة لوبيات نافذة، ما حال دون تطوير الطاقات المتجددة أو تحقيق توزيع عادل للثروات.
3. قطاع الفلاحة: حيث برزت ممارسات شبه احتكارية في توزيع الأراضي والاستفادة من القروض والمنح الزراعية.
4. قطاع التجارة الخارجية: الذي عانى من تضييق على الواردات والصادرات بفعل شبكات تتلاعب بتراخيص الاستيراد والتصدير، ما أثر على أسعار المنتجات والسوق المحلية.

كما تشير الوثيقة إلى أن هيمنة الاقتصاد الريعي تتعارض مع العدالة الاجتماعية، وتساهم في تفشي الفساد الإداري وتراجع مناخ الثقة بين مكونات الاقتصاد الوطني. وفي سبيل التصدي لهذه الآفة، اقترحت الدراسة خطة إصلاح وطنية تتضمن تعزيز آليات الرقابة على الصفقات العامة، وتحرير الأسواق، ودعم المبادرة الخاصة، وتنمية القطاعات المنتجة القادرة على خلق فرص عمل مستدامة.

وخلص التقرير إلى أن الانتقال نحو اقتصاد منتج وعادل يستوجب تفعيل سياسات حازمة لمكافحة الممارسات الريعية، من أجل بناء اقتصاد تونسي قوي وشفاف، يعزز النمو الشامل ويوفر مناخًا منافسًا وجذابًا للاستثمار.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *