تجاهل مستمر لأزمة التلوث: المياه المستعملة تهدد مناطق ساحلية في تونس
تعيش مناطق غار الملح وقمرت وقابس وبن عروس على وقع أزمة بيئية خطيرة جرّاء تسربات المياه المستعملة التي باتت تهدد النظم البيئية المحلية وصحة السكان. ورغم تعدّد التحقيقات الصحفية منذ سنوات وتنبيهات وسائل الإعلام حول هذه الوضعية المقلقة، إلا أن السلطات المسؤولة تواصل صمتها وتتعامل مع الأمر بلامبالاة يصعب تبريرها، خاصة أن هذه الجهات أوكلت إليها مهمة حماية البيئة ورُصدت لها ميزانيات معتبرة لهذا الغرض.
وتبرز خطورة تسرب المياه المستعملة في تأثيرها المباشر على المحيط الطبيعي، حيث تسهم في تلوث التربة والمياه الجوفية وتؤدي إلى انتشار الأمراض، إضافة إلى الإضرار بالكائنات الحية البحرية وتراجع التنوع البيولوجي في المناطق الساحلية. تشير تقارير رسمية ومنظمات بيئية إلى أن هذه التسربات تزداد تفاقمًا مع غياب الصيانة الدورية لشبكات الصرف الصحي وتراكم النفايات فضلًا عن ضعف الرقابة البيئية.
وبينما كان من المفترض أن تضع هياكل الدولة خططًا عاجلة وصارمة للحد من هذه الكارثة البيئية، لا تزال الإجراءات محدودة، وغالبًا ما تقتصر على تحذيرات موسمية دون حلول جذرية. ويطالب نشطاء البيئة والمجتمع المدني بمزيد من الشفافية والكشف عن نتائج التحقيقات ومعاقبة المسؤولين عن التقصير وتفعيل مشاريع معالجة المياه الملوثة بشكل مستدام.
وفي ظل استمرار هذا الواقع البيئي الهش، تظل المناطق المذكورة مهددة بفقدان مقوماتها الطبيعية وتعرض الصحة العامة لمخاطر متزايدة. ويبقى تدخل جاد وحازم من الجهات الرسمية والمجتمع ضروريًا بشكل عاجل، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.