تحقيق جديد يسلط الضوء على الشركات المسيطرة على سوق السيارات بتونس
نشرت منظمة “ألِرت” مؤخراً تقريراً تحليلياً يسلّط الضوء على طبيعة السيطرة والاحتكار في سوق السيارات بتونس، وهو أحد القطاعات الحيوية التي تستنزف سنوياً بين 1.5% و2% من إجمالي احتياطي العملة الصعبة في البلاد، حيث يتم توريد حوالي 50 ألف مركبة سنوياً.
ويكشف تقرير المنظمة أن قيمة هذا القطاع تُقدّر بمليارات الدنانير، وتزداد أهميته بالنظر إلى ارتباطه الوثيق بشبكات توريد السيارات، فضلاً عن مشاركة المؤسسات البنكية وشركات التأمين في حركة رؤوس الأموال المتداولة داخله. وترى “ألِرت” أن السوق التونسية للسيارات تتميز بطابع هيكلي شبه مغلق تهيمن عليه بعض الشركات الكبرى، ما يمنحها تأثيراً واضحاً في تحديد الأسعار والسيطرة على الحصص السوقية.
وأشارت المنظمة إلى أن هذا الواقع قد أثّر سلباً على المنافسة، حيث أدت الحصة المهيمنة لمجموعة صغيرة من الموردين والموزعين إلى تقليص الخيارات أمام المستهلكين ورفع الأسعار، ليجد المواطن نفسه في مواجهة سوق تفتقر إلى الشفافية والمرونة. ووفقاً لمعطيات التقرير، فإن كبرى الشركات الناشطة في المجال تستفيد من شراكات حصرية مع علامات تجارية عالمية، مستفيدةً من الإجراءات الإدارية وتوزيع حصص التوريد التي تمنحها الدولة.
كما أوضح التحليل أن القطاع لا يقتصر على بيع السيارات الجديدة فقط، بل يشمل أيضاً تمويل عمليات الشراء من خلال القروض البنكية وعقود التأمين، وهذا ما يفسر دخول المصارف ومؤسسات التأمين في هذا السوق بشكل مكثف، مما يساهم في تعزيز شبكة المصالح المتداخلة بين مختلف الأطراف.
وجددت منظمة “ألِرت” الدعوة للسلطات المعنية لمراجعة السياسات والإجراءات التنظيمية لضمان زيادة الشفافية وتعزيز المنافسة، بالإضافة إلى حماية حقوق المستهلكين وتشجيع دخول فاعلين جدد من شأنهم تنويع العروض وخفض الأسعار.
وتبقى آفاق إصلاح سوق السيارات في تونس رهينة للقرارات الحكومية ومدى استجابتها لمطالب الفاعلين الاقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني الداعية إلى إصلاحات شاملة لمواجهة ظواهر الاحتكار وتحقيق المصلحة العامة.
