تحقيق حول حقيقة تصريحات هيلاري كلينتون بشأن الدور الأمريكي في الثورة التونسية
تجددت في الآونة الأخيرة مناقشات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي حول مضمون كتاب مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون “خيارات صعبة”، وتحديدًا ما إذا كانت قد أقرت بتورط أو تدخّل أمريكي في إسقاط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي خلال انتفاضة 2011.
وعلى الرغم من انتشار منشورات تدّعي أن كلينتون كشفت عن تفاصيل تدخّل أمريكي مباشر في الثورة التونسية، إلا أن مراجعة دقيقة لمحتوى الكتاب الصادر سنة 2014، وكذلك للوثائق الدبلوماسية المتعلقة بتلك الفترة، تنفي بشكل واضح هذه الادعاءات.
وتفيد مصادر إعلامية وتحقيقة بأن كلينتون تناولت في مذكراتها أحداث الربيع العربي بشكل عام، مُشيرة إلى سرعة تحوّل الأوضاع في تونس، لكنها لم تذكر قط أن الولايات المتحدة كانت وراء إسقاط نظام بن علي أو أنها أدارت أي مخطط للتدخل في الشؤون التونسية الداخلية في هذا السياق.
كما تشير تقارير تحليلية إلى أن رسائل البريد الإلكتروني الرسمية لهيلاري كلينتون التي كُشف عنها لاحقًا، لم تتضمن أدلة على أي خطة أمريكية لدفع بن علي إلى مغادرة تونس أو وجود ترتيبات لغلق المجال الجوي كما زعمت بعض المنشورات على الإنترنت. بل تركزت المواقف الأمريكية المعلنة حينها على دعم تطلعات الشعب التونسي نحو الحرية والديمقراطية بعد اندلاع الاحتجاجات، والدعوة إلى حماية حقوق الإنسان وتجنب العنف.
وأكدت مصادر مطلعة قامت بتحليل مضمون الكتاب أن الأدوار الحقيقية للدبلوماسية الأمريكية خلال الثورة اقتصرت على متابعة الأوضاع المتسارعة وإيصال رسائل رسمية لدعم العملية الانتقالية السلمية، دون أي تدخل خارجي في مجريات الأحداث أو اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مصير النظام السابق.
وعليه، فإن المزاعم المتكررة حول “اعتراف” كلينتون بتورط واشنطن في سقوط بن علي تتعارض مع ما ورد فعليًا في مذكراتها وفي السجلات الرسمية التي أصبحت متاحة للرأي العام. ويبقى من المهم توخي الدقة عند تداول مثل هذه المعلومات على منصات التواصل الاجتماعي واعتماد المصادر الأصلية للتحقق من الحقائق المتعلقة بمحطات مفصلية في تاريخ تونس الحديث.
