تحليل جديد: حقيقة العلاقة بين حركة “Bloquons Tout” والاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية

أثارت تصريحات الإعلامي التونسي خليفة الشيباني موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أشار إلى وجود ارتباط بين حركة “Bloquons Tout” الاحتجاجية في فرنسا وقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. ورغم انتشار هذه الفكرة في بعض الأوساط الإعلامية، إلا أن الوقائع والتواريخ تكشف عن صورة مغايرة.

نشأت حركة “Bloquons Tout” في فرنسا في مايو 2025، كرد فعل شعبي على سلسلة من السياسات الداخلية والمطالب الاجتماعية، حيث دعا نشطاؤها إلى إيقاف البلاد عبر احتجاجات وإضرابات طالت كبرى المدن الفرنسية بما فيها باريس. وتركزت شعارات الحركة على رفض الأوضاع الاقتصادية والسياسية، دون أن يظهر في بياناتها الرسمية ما يشير إلى ارتباط مباشر بالقضية الفلسطينية أو بسياسات فرنسا الخارجية في تلك المرحلة.

أما إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد جاء في الرابع والعشرين من يوليو 2025، أي بعد أكثر من شهرين من انطلاق حركة “Bloquons Tout”. هذا التسلسل الزمني يؤكد أن نشأة الحركة سبقت بشكل واضح قرار ماكرون التاريخي، ما يضعف فرضية وجود علاقة سببية أو تنسيقية بين الحدثين.

ويشير مراقبون إلى أن تصريحات الشيباني قد نُقلت خارج سياقها أو بنيت على فرضيات غير دقيقة، خاصة وأن علاقة الشارع الفرنسي بالقضايا الخارجية مثل فلسطين غالبًا ما تتجلى أثناء موجات التضامن أو التظاهر، لكنها لا تتخذ عادة شكل الحركة العامة الموجهة ضد السياسات الداخلية.

في هذا السياق، يرى خبراء في الشأن الفرنسي أن ربط حركة “Bloquons Tout” بالاعتراف بفلسطين يُعد تبسيطًا مخلًا للأحداث، وفصلاً للتطورات السياسية عن جذورها الاجتماعية والاقتصادية. ويُرجّح أن الحركة تأسست على أرضية داخلية صرفة، مستفيدة من موجة احتجاجات عارمة ضد سياسات الحكومة وليس للتعبير عن مواقف بشأن الشرق الأوسط أو الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

في المحصلة، تكشف قراءة دقيقة لتواريخ الأحداث وتصريحات الأطراف الفاعلة عن استقلالية حركة “Bloquons Tout” عن قرار الاعتراف الفرنسي بفلسطين. ويظل الحراك الاحتجاجي الفرنسي مؤشرًا على التحولات الاجتماعية والسياسية في البلاد، أكثر منه تعبيرًا عن سياسات خارجية أو مواقف دولية. وبالتالي، من المهم توخي الدقة وتحري صحة المعلومات عند تناول مثل هذه القضايا الحساسة إعلامياً.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *