تحليل جديد: مكاسب وخسائر تونس من شراكتها مع دول البريكس
في ظل تسارع التحولات الاقتصادية والجيوسياسية على الساحة الدولية، أصبحت تونس تبحث عن شركاء جدد بهدف تعزيز موقعها الاقتصادي وتقليص الضغوط المالية والاجتماعية المتزايدة. في هذا السياق، يبرز سؤال مهم: ما مدى استفادة تونس من توطيد علاقاتها مع مجموعة دول البريكس؟ يسلّط هذا التحليل الضوء على أحدث الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، ويركز على ثلاثة محاور رئيسية: النمو الاقتصادي، سوق العمل، والعجز التجاري.
أولا: النمو الاقتصادي بين الآمال والتحديات
سجّلت تونس خلال الفترة الأخيرة تحسّناً محدوداً في معدلات النمو الاقتصادي، حيث بقيت الأرقام أقل من التوقعات رغم بعض المبادرات والخطط لتعزيز التعاون مع الشركاء الجدد المنتمين لمجموعة البريكس. ورغم أوجه التقارب السياسي والاقتصادي، لم تنعكس هذه الشراكات بشكل فعلي على خلق ديناميكيات جديدة قادرة على تحريك الاقتصاد الوطني بشكل ملموس. ولا تزال الصعوبات الهيكلية وغياب الاستثمارات الضخمة تحدّ من تحقيق نتائج ملموسة وسريعة.
ثانيا: سوق العمل تحت ضغط مستمر
عانى السوق التونسي من تصاعد معدلات البطالة، خاصة بين فئة الشباب، مما يشير إلى أن التعاون مع دول البريكس لم يقدم حلولاً سريعة لمعضلة التشغيل. رغم بعض المبادرات المشتركة التي تستهدف خلق مشاريع واستثمارات جديدة، إلا أن تأثيراتها لا تزال محدودة مقارنة بحجم التحدي. وتستدعي هذه الأرقام ضرورة التفكير في استراتيجيات جديدة لاستغلال الفرص التي قد تنشأ عن هذه الشراكات وتوظيفها في خلق فرص حقيقية للشباب.
ثالثا: العجز التجاري ومخاوف متزايدة
أما على صعيد الميزان التجاري، فقد شهد ارتفاعاً مثيراً للقلق في العجز التجاري، ما يعكس استمرار اعتماد الاقتصاد الوطني على الاستيراد وضعف التصدير، حتى مع بلدان مجموعة البريكس. وأشار معهد الإحصاء إلى أن تزايد الاستيراد من هذه الدول لم يُقابله تطور ملحوظ في الصادرات التونسية إليها، مما فاقم من عجز الميزان التجاري وأثار التساؤلات حول جدوى هذه الشراكة من الناحية الاقتصادية.
خلاصة القول، تعكس الأرقام الرسمية حاجة تونس لمراجعة سياساتها الاقتصادية الخارجية مع كل شركائها، بما في ذلك مجموعة البريكس، من أجل تعزيز منافع التعاون وتقليص التأثيرات السلبية على التوازنات الوطنية. فالمطلوب اليوم ليس الاكتفاء بالشعارات، بل صياغة توجهات أكثر فعالية تُترجم إلى برامج ملموسة تلبي تطلعات المواطن وتواجه الأزمات الهيكلية المزمنة.
