تحولات البرلمان الأوروبي بعد الانتخابات: صعود التطرف وتحديات جديدة

شهد البرلمان الأوروبي عقب الانتخابات الأخيرة تحولاً لافتاً، حيث برزت الأحزاب المتطرفة، من اليمين الشعبوي وحتى تيارات قومية وفاشية جديدة، لتشكل ثقلاً سياسياً غير مسبوق في تاريخ المؤسسة الأوروبية. لم يكن هذا الظهور مجرد حدث ظرفي، بل كشف عن تغيرات بنيوية في المزاج السياسي والرأي العام؛ إذ تراجعت أحزاب الوسط لصالح قوى اليمين التي رفعت شعارات تلامس القلق الشعبي حول ملفي الهجرة والهوية الأوروبية، مستثمرةً في مشاعر الغضب وعدم الثقة في النخب التقليدية.

هذه الظاهرة ليست محصورة بدولة واحدة، فقد سجلت دول عدة ـ من فرنسا وألمانيا إلى إيطاليا وهولندا ـ صعوداً متزامناً للأحزاب القومية والمتشددة، ما دفع باتجاه تحالفات جديدة لا يجمع بينها غالباً سوى الطموح للوصول للسلطة. أوضح تحليل نتائج الانتخابات ميل البرلمان الأوروبي للانقسام؛ إذ بات من الصعب تشكيل أكثرية مستقرة، مما يهدد بعرقلة السياسات الموحدة خاصة في الملفات الحساسة مثل دعم أوكرانيا، مكافحة تغير المناخ، وسياسات اللجوء والهجرة.

في السياق ذاته، تبرز مخاوف حقيقية من أن القيم المشتركة التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي ـ كالتعددية وحقوق الإنسان والتضامن ـ باتت اليوم عرضة للتشكيك وربما للتراجع في بعض الدول الأعضاء. وبحسب متابعين، فإن المعارك المقبلة ستكون حول هوية أوروبا المستقبلية: هل تبقى مساحة للانفتاح والتعاون أم أن الانغلاق والمحلية سيطغيان على القرار والسياسة؟

رغم هذه الصورة القاتمة، يرى مراقبون أن زخم هذه القوى قد يدفع الأحزاب التقليدية لإعادة النظر في سياساتها وخطابها، وربما البحث عن حلول جديدة لمعالجة الملفات التي استغلتها التيارات المتشددة. في النهاية، يبدو أن أوروبا أمام مرحلة إعادة تعريف توازناتها السياسية، في ظل واقع متغير تفرضه نتائج صندوق الاقتراع وتحولات الرأي العام الأوروبي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *