تراجع طاقة الاستيعاب الفندقي في تونس: أزمات متلاحقة وتداعيات مستمرة

تواجه السياحة التونسية تحديات كبيرة منذ عام 2011، أدت إلى تقلص ملحوظ في عدد الوحدات الفندقية المتوفرة لإيواء الزوار. وتعود أسباب هذا التراجع المتواصل إلى عدة أزمات متعاقبة هزت القطاع على مدى السنوات الماضية، أبرزها عدم الاستقرار السياسي عقب الثورة، وتداعيات العمليات الإرهابية التي أثرت سلباً على ثقة السياح، بالإضافة إلى الآثار العميقة لجائحة كوفيد-19 على الاقتصاد الوطني ككل، وقطاع السياحة بصفة خاصة.

وبحسب جلال الدين هنشيري، النائب الأول لرئيس الجامعة التونسية للنزل ورئيس الجامعة الجهوية للنزل بالجنوب الشرقي، فإن نحو ربع الطاقة الإجمالية للإيواء في تونس قد فُقدت نتيجة إغلاق العديد من النزل والمؤسسات السياحية، مشيراً إلى أن موجة الغلق هذه تعود بالأساس إلى ضعف العائدات وعجز العديد من هذه الوحدات عن مواجهة التكاليف التشغيلية في ظل الانخفاض الحاد في عدد الوافدين.

وتمثل السياحة قطاعاً حيوياً للاقتصاد التونسي، حيث توفر آلاف مواطن الشغل وتعد مصدراً هاماً للعملة الصعبة. إلا أن سلسلة الأزمات المتلاحقة أدت إلى صعوبات مالية خانقة، ما دفع العديد من المستثمرين إلى تعليق أنشطتهم أو إغلاق منشآتهم بالكامل.

وفيما تحاول السلطات دعم القطاع عبر برامج إعادة الهيكلة والتحفيز على الاستثمار، لا تزال عدة تحديات قائمة، من بينها الحاجة لتطوير البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات واستعادة ثقة الأسواق التقليدية والناشئة على حد سواء. كما تؤكد الأطراف المهنية ضرورة تفعيل إجراءات استثنائية ومواصلة إسداء الدعم لأصحاب النزل المتضررين قصد ضمان ديمومة القطاع واستعادة مكانته كرافد أساسي للاقتصاد الوطني.

ورغم بروز بوادر انتعاشة في المواسم الأخيرة، إلا أن القطاع يظل بحاجة إلى إصلاحات عميقة وسياسات واضحة لاستقطاب المزيد من السياح المحليين والأجانب، وضمان عمل الوحدات السياحية بالكفاءة المطلوبة لتجاوز تداعيات السنوات الصعبة واستعادة قدرة الإيواء التي فقدت على مدى العقد الأخير.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *