تراجع نسق القروض البنكية في تونس يواكب تباطؤ النمو الاقتصادي

كشف التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي لعام 2024 عن استمرار التفاوت بين معدل نمو القروض البنكية والناتج المحلي الإجمالي في البلاد. وبحسب ما ورد في التقرير الخاص بالرقابة البنكية والصادر مؤخرًا، فقد سجلت القروض البنكية نسق نمو أقل مقارنة بمعدل التطور الاقتصادي خلال العام الجاري، ما يعكس تحفظ القطاع الخاص وحتى الأفراد في الاقتراض.

ويرجع البنك المركزي هذا التباطؤ إلى عدة عوامل، أهمها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تونس، إلى جانب استمرار الضبابية المحيطة بالآفاق المستقبلية للنشاط الاقتصادي والاستثمار. كما أشار التقرير إلى أن وتيرة طلبات التمويل من المؤسسات والأفراد لم تشهد تحسنًا يُذكر، رغم الإجراءات الحكومية الداعمة للقطاع المالي.

وقد حذر مراقبون اقتصاديون من أن تراجع الطلب على القروض قد يكون مؤشرًا على حذر المستثمرين وازدياد مخاوفهم حيال الأوضاع الاقتصادية السائدة، ما يُسهم في إبطاء الاستثمارات الجديدة والانفاق الاستهلاكي. كما أن البنوك المحلية تزداد حرصًا في منح التمويلات بسبب ارتفاع نسب المخاطر وتفاقم مشكلة تحصيل الديون المتعثرة، الأمر الذي يضغط على السيولة المتوفرة لديها.

ويسلط التقرير الضوء كذلك على أهمية انتعاش الاقتصاد لضمان تحقيق نوع من التوازن بين الطلب على القروض والناتج المحلي، معتبرًا أن أي تطور إيجابي في مؤشرات النمو سينعكس تلقائيًا على تحفيز المزيد من الاقتراض ودعم الأنشطة الاستثمارية في السوق المحلية.

وفي الوقت الذي يواصل فيه البنك المركزي ضبط السياسات النقدية لتشجيع الاستقرار المالي، تبقى إعادة الثقة بين القطاع المصرفي والعملاء أحد أبرز التحديات، مع الإشارة إلى ضرورة تطوير المنتجات المالية وتحسين شروط الإقراض لتشجيع المؤسسات والأفراد على الاقتراض بغرض الاستثمار والإنتاج. ويرى خبراء أن استعادة النسق الطبيعي للنمو بين القطاع البنكي والناتج المحلي يتطلب إصلاحات هيكلية شاملة من شأنها تعزيز البيئة الاستثمارية ودعم التنمية الاقتصادية في تونس.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *