تراجع واحات تونس: تقرير يحذر من أخطر التحديات البيئية

كشف تقرير حديث أعده البنك الدولي بالتعاون مع باحثين تونسيين عن مواجهة واحات تونس لأزمة وجودية تهدد استدامتها كواحدة من أهم النظم البيئية الفريدة في شمال إفريقيا. يشير التقرير إلى أن هذه الواحات التاريخية، التي لطالما شكلت ملاذًا للحياة الزراعية والتنوع الطبيعي في البلاد، أصبحت تحت تهديدات متزايدة بسبب مجموعة من العوامل المترابطة، من أهمها الإفراط في استنزاف المياه الجوفية، التأثيرات المتسارعة للتغيرات المناخية، وضعف منظومات الحوكمة والرقابة.

وقد أكّد الخبراء المساهمون في إعداد الدراسة أن الاستهلاك المفرط للمياه، وعدم اعتماد سياسات صارمة لترشيد الموارد المائية، جعل مخزون المياه الجوفية يتعرض لضغط هائل، خاصة مع تفاقم موجات الجفاف في السنوات الأخيرة. وتُعد الواحات مصادر رئيسية للتمور، بالإضافة إلى دورها الحاسم في دعم الاقتصاد المحلي والتوازن البيئي.

وتناول التقرير أيضًا تداعيات التغير المناخي، حيث سجل انخفاض غير مسبوق في كميات الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة بمعدلات تفوق المعدلات المعتادة. كما أن هذه التحولات ساهمت في تزايد ظاهرة التصحر، مما يتسبب في فقدان مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وتدهور التنوع الحيوي المحلي.

وأشار التقرير إلى أن ضعف الحوكمة المؤسساتية وغياب التنسيق الفعال بين مختلف الجهات المعنية بإدارة الواحات، أدى إلى تفاقم الأوضاع، إضافة إلى نقص الوعي المجتمعي بأهمية هذه النظم البيئية الخاصة.

بالإضافة إلى رصد الأخطار، تضمن التقرير عددًا من التوصيات والإجراءات العاجلة التي دعا لتطبيقها لإنقاذ الواحات التونسية. ومن بين تلك الإجراءات: اعتماد استراتيجيات متكاملة لإدارة الموارد المائية، تعزيز البحث العلمي حول سبل التكيف مع التغيرات المناخية، وتحسين الإطار القانوني لرفع مستوى المتابعة والمحاسبة في استغلال الموارد الطبيعية.

واختتم التقرير بالتأكيد على ضرورة تحرك جماعي ومستعجل من كافة الأطراف الحكومية والمجتمعية والدولية لحماية الواحات من الانهيار، باعتبارها إرثًا طبيعيًا واقتصاديًا يستحق بذل كل الجهود لصونه وضمان استدامته للأجيال القادمة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *