تصاعد العجز التجاري يثير التساؤلات حول مستقبل الدينار التونسي

شهد العجز التجاري في تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 قفزة مقلقة، حيث بلغ 16.7 مليار دينار تونسي مقارنة بـ13.5 مليار دينار في نفس الفترة من عام 2024، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. ويعكس هذا الارتفاع بنسبة تتجاوز 24% وضعية دقيقة تشهدها المالية الخارجية للبلاد، في وقت يواجه فيه الدينار التونسي ضغوطات متواصلة.

حسب خبراء الاقتصاد، يمثل العجز التجاري المزمن تحديًا رئيسيًا للاستقرار المالي والنقدي لتونس. ويرجع هذا التفاقم إلى جملة من العوامل منها ضعف الصادرات، وارتفاع فاتورة الواردات، لا سيما في قطاع المحروقات والمواد الأولية، إضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والصعوبات التي يواجهها القطاع الصناعي في الاندماج في الأسواق الخارجية.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن استمرار اتساع الفارق بين الواردات والصادرات قد ينعكس سلبًا على قيمة الدينار التونسي، ويزيد من حاجة البلاد إلى العملة الصعبة لتغطية الاستيراد. ولفتوا إلى أن مستوى الدينار بات مرتبطًا أكثر فأكثر بقدرة تونس على التحكم في عجزها التجاري وتعزيز صادراتها.

ووفقًا للتحليلات المالية، فإن تراجع احتياطي البلاد من العملة الأجنبية نتيجة اتساع العجز التجاري قد يؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر صرف الدينار. كما أن ضعف تغطية الواردات بالصادرات، والتي تراجعت نسبتها مؤخرًا، يزيد من هذا الخطر ويضع الحكومة أمام ضرورة اتخاذ حلول عاجلة لدعم الاقتصاد الوطني وتحفيز الإنتاج المحلي.

وفي ظل هذا الوضع، تُطرح تساؤلات جدية بشأن قدرة تونس على تجاوز المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات الخارجية المتمثلة في تقلبات الأسواق العالمية وارتفاع أسعار المواد الأولية. ويتمحور الحديث اليوم حول ضرورة مراجعة السياسات التجارية وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية لتقليل الاعتماد على الاستيراد ودعم التصدير، بما يخفف الضغوط على الدينار ويحافظ على استقرار الاقتصاد الوطني.

هكذا، يظل مستقبل الدينار التونسي مرتبطًا بجهود تونس في معالجة أسباب العجز التجاري المزمن، وتفعيل الإصلاحات العميقة التي تستهدف إنعاش الإنتاج وتحقيق توازن أفضل في ميزان المدفوعات.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *