تصاعد القلق المدني في قابس: دعوات واسعة للحد من تداعيات التلوث البيئي
تشهد ولاية قابس جنوب تونس منذ أيام موجة قوية من التحركات الاحتجاجية والمناشدات المجتمعية، وذلك في ظل تفاقم أزمة التلوث البيئي الذي أصبح يشكّل تهديدًا مباشرًا على صحة وحياة السكان. فقد تصاعدت أصوات المواطنين إلى جانب ممثلين عن الهيئات المهنية من أطباء ومحامين وصحفيين ونشطاء في المجتمع المدني، مؤكدين أن الوضع البيئي في الجهة قد بلغ درجة خطيرة تستلزم تحرّكًا عاجلًا وحلولًا جذرية.
وقد أشارت تقارير محلية إلى أن الاحتجاجات ازدادت حدة خاصة بعد وقوع حالات اختناق متكررة بين التلاميذ والمواطنين بفعل الانبعاثات الغازية المتسربة من بعض المنشآت الصناعية الكبرى في المنطقة. ووفق بيانات نشرتها منظمات بيئية، فقد انخرطت عدة هياكل مثل الفرع الجهوي للمحامين بقابس وبعض الجمعيات المدنية في إصدار بيانات جماعية تطالب السلطة المركزية والجهات المعنية بالإسراع لاتخاذ إجراءات تصحيحية تحمي السكان وتعيد الاعتبار للبيئة في المنطقة.
ووجّه المجلس المحلي ومكونات المجتمع المدني نداءات إلى الرئيس والحكومة التونسية لتحمل المسؤولية وإيقاف ما سموه “مسلسل الإهمال”، بعد سنوات من وعود بقيت دون تنفيذ وفشل واضح في إيجاد حل مستدام لأزمة التلوث الناتجة عن المجمع الكيميائي وغيره من المرافق الصناعية.
ويعتبر متابعون للشأن البيئي في قابس أن استمرار تجاهل السلطات للمطالب الشعبية وتغليب منطق التعامل الأمني مع التحركات السلمية سيؤدي إلى مزيد من التأزيم والغضب في الشارع. وتؤكد عدة تقارير صحفية وبيانات منظمات بيئية أن السكان لم يعودوا قادرين على تحمّل آثار التلوث اليومية، والتي تشمل حالات اختناق وأمراض مزمنة وتراجع جودة الحياة في الجهة.
ويطالب المحتجون بوضع خطة عملية لتفكيك أو تحويل الوحدات الصناعية الملوثة، إلى جانب إقرار برامج تنموية وصحية عاجلة لتعويض الخسائر والإضرار اللاحقة بالسكان.
وتُعدّ قضية التلوث في قابس من أقدم وأعقد القضايا البيئية في تونس، وقد بقيت لعقود رهينة لسياسات الترحيل والمماطلة رغم الإجماع المحلي على خطورتها، في انتظار أن تستجيب السلطات هذه المرة لمطالب السكان وتضع حدًا لسنوات من المعاناة البيئية.
