تغييرات جديدة في الفصل 96: ما مدى تعزيزها لحماية الموظفين العموميين؟
صادق رئيس الجمهورية التونسية مؤخرًا على تعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية، في خطوة اعتبرها العديد من الفاعلين الحقوقيين والقانونيين ضرورية لوقف الجدل الذي طالما أحاط بهذا الفصل منذ سنوات طويلة. وكان الفصل في صيغته السابقة موضوع انتقاد شديد بسبب غموض معاييره، إذ كان يسمح بملاحقة الموظفين العموميين بناءً على شبهة أو نية غير واضحة دون الاستناد دائماً إلى أفعال جنائية ثابتة.
التنقيح الجديد جاء كرد فعل على تصاعد الدعوات من المجتمع المدني ونقابات الموظفين بضرورة حماية الأعوان العموميين من التأويلات الفضفاضة للنصوص وتفادي خلط المسؤولية الإدارية بالملاحقة الجنائية. وهو ما دفع المشرّع إلى إعادة صياغة الفصل بطريقة تضمن التوازن بين مكافحة الفساد وضمان أمن الموظف أثناء ممارسة مهامه.
ونص التعديل على إلغاء أحكام الفصلين 96 و98 السابقين وتعويضها بأحكام جديدة أكثر وضوحًا وتقييدًا، حيث تم تحديد الأفعال المجرّمة بصفة دقيقة، مع استبعاد أية متابعة جزائية على أساس “النية” غير المعلنة. وهو تحول جوهري لاقت ترحيبًا من المحامين والقضاة، الذين رأوا فيه دافعًا جديدًا لتوفير مناخ أكثر شفافية وعدلاً في المحاكمات المتعلقة بالوظيفة العمومية.
رغم هذا، يرى بعض المراقبين أن الحماية القانونية لا يمكن اختزالها في تعديل مادة واحدة، بل تستدعي مراجعة شاملة لمنظومة القوانين المرتبطة بمكافحة الجرائم الاقتصادية والإدارية، إضافة إلى ضرورة تعزيز التكوين القانوني للموظفين ونشر الثقافة القانونية في المؤسسات العمومية.
أخيراً، يظل التعديل خطوة مهمة على طريق إصلاح التشريع التونسي ودعم التناسب بين الجريمة والعقوبة، لكنه بحاجة إلى المتابعة والتقييم المستمر للوقوف على نتائجه وتعديل المسار متى اقتضت الحاجة ذلك. ويأمل كثيرون أن يؤدي هذا التنقيح لإرساء علاقات أكثر متانة بين الدولة وموظفيها، مبنية على احترام القانون وحقوق الجميع.