تفاقم تأخر تونس في تنفيذ التزاماتها مع صندوق النقد الدولي يثير القلق

في تقرير صدر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي، تم رصد استمرار تأخر تونس عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بإجراء المراجعة السنوية للوضع الاقتصادي، وهي إحدى أهم العمليات الرقابية التي يجريها الصندوق مع الدول الأعضاء. وقد شدد التقرير على أن تونس تجاوزت مستويات التأخر المعتادة، إذ بلغ مجموع التأخير في تنفيذ مهام الرقابة 57 شهرًا منذ آخر مراجعة، بما يعادل أكثر من أربع سنوات، ما يعد فترة غير مسبوقة في تاريخ تعامل البلاد مع الصندوق.

ويهدف نظام الرقابة السنوي الذي يعتمده صندوق النقد الدولي إلى تقييم أوضاع الدول الاقتصادية والمالية، وتقديم توصيات بناء على نتائج المراجعة لدعم الاستقرار المالي وتعزيز النمو. إلا أن التأخير المتراكم لتونس في إتمام هذه المراجعات يطرح عدة إشارات استفهام حول مدى التزام البلاد بمتطلبات الشفافية والإصلاح المقررة من قبل الجهات الدولية.

ويعزو عدد من الخبراء هذا الوضع إلى تعقد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تونس خلال الأعوام الأخيرة، وكل ذلك في ظل تواصل الخلافات حول خطط الإصلاح الاقتصادي وشروط المانحين الدوليين. من بين هذه الشروط؛ مراجعة سياسات الدعم، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وتحسين مناخ الاستثمار، وهي قضايا ظلت محل نقاش واسع في الداخل التونسي وسببت انقسامًا بين مؤيد ومعارض للسياسات المقترحة.

إلى جانب ذلك، شدد مختصون في الشأن الاقتصادي على أن إدراج تونس ضمن القائمة السلبية للدول المتأخرة في تنفيذ هذه المهام له تبعات خطيرة على صورتها في السوق العالمية وعلى حظوظها في الحصول على تمويلات خارجية ضرورية لسد العجز ومواصلة الإنفاق العمومي. ويؤكد بعض التحاليل أن استمرار هذا الوضع بدون انفراج قد يدفع بالمؤسسات المالية الدولية الأخرى للتردد في منح تونس التسهيلات المالية أو الاستثمارات الضرورية.

وفي ظل هذه التطورات، يجد صانع القرار التونسي نفسه أمام تحديات متزايدة تتطلب الإسراع في تسوية العلاقة مع صندوق النقد الدولي وتقديم المؤشرات الكافية على جديته في تطبيق الإصلاحات. ويظل الملف رهين إرادة حقيقية في الداخل للتوصل إلى توافق واسع، بما يكفل للخزينة التونسية الخروج من مأزق السيولة واستعادة الثقة في الاقتصاد الوطني.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *