تفاوت أجور الإدارة التنفيذية في الشركات التونسية ومحدودية الحد الأدنى للرواتب
أظهرت تقارير الشركات المدرجة في البورصة التونسية لعام 2024 تباينًا كبيرًا في مستويات الرواتب بين مسؤولي الإدارة العليا والعاملين ذوي الأجور الدنيا. وتوضح الأرقام أنّ الحد الأدنى للأجور في تونس لا يتعدى 448 دينارًا شهريًا، أي ما يعادل 5,376 دينارًا سنويًا، بينما تصل رواتب بعض المديرين العامين ورؤساء مجالس الإدارة في كبرى المؤسسات إلى عشرات أو حتى مئات أضعاف هذا المبلغ.
وتؤكد البيانات الرسمية على أن الفارق بين دخل قياديّي الشركات الكبرى والأجراء يمثل واحدة من أوسع الفجوات في سوق العمل التونسي. ففي الوقت الذي يحصل فيه العامل العادي على دخل يغطي بالكاد متطلبات المعيشة الأساسية، يتمتع المديرون التنفيذيون ورؤساء الشركات بحوافز مالية وامتيازات ضخمة تشمل الرواتب السنوية، والمكافآت، ومزايا أخرى مالية وعينية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا التفاوت قد تكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية هامة، خاصةً مع ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة. كما يدعون إلى مزيد من الشفافية في إعلان الرواتب وتعديل سياسات الأجور بما يضمن عدالة التوزيع وتحفيز الموظفين بجميع درجاتهم.
من جانبه، يعزو ممثلو بعض الشركات هذه الفروق الكبيرة إلى أهمية الدور الاستراتيجي الذي تؤديه الإدارة التنفيذية وصعوبة تعويض كفاءات الصف الأول، بالإضافة إلى متطلبات الحوكمة التي تستدعي استقطاب أفضل المواهب محليًا ودوليًا.
أما العاملون في المؤسسات، فيطالبون بمراجعة الحد الأدنى للأجور وتفعيل سياسات تحفيزية تحقق نوعًا من التوازن وتدعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
في المجمل، تلقي هذه الأرقام الضوء على واقع سوق الشغل في تونس، وتفتح الباب أمام نقاش أوسع حول السياسات المثلى لمعالجة التفاوت وتحقيق النمو الشامل.
