تقدم ملحوظ في الشمول المالي بتونس رغم استمرار التحديات
كشف تقرير المؤشر العالمي للشمول المالي لعام 2025 الصادر عن مجموعة البنك الدولي عن تحسّن ملموس في مستويات الشمول المالي في تونس في السنوات الأخيرة، حيث شهدت البلاد ارتفاعًا في نسبة المواطنين الذين يستخدمون الحسابات المصرفية والخدمات المالية الرسمية. ووفقًا للبيانات الأخيرة، فإن 37% فقط من البالغين في تونس يمتلكون حسابات لدى المؤسسات المالية، وهو ما يعكس وجود فجوة كبيرة بين شرائح المجتمع فيما يتعلق بالوصول إلى الخدمات المصرفية.
ويأتي هذا التطور في إطار الاتجاه العالمي المتزايد نحو تعزيز الشمول المالي، والذي يهدف إلى تمكين الأفراد والمؤسسات من الاستفادة من المنتجات المالية الحديثة على غرار الحسابات البنكية، وخدمات الدفع، والادخار، وحتى خدمات التمويل والتأمين. وعلى الرغم من هذا التقدّم، لا يزال عدد كبير من التونسيين يجد صعوبات في النفاذ إلى هذه الخدمات، لأسباب تتعلق بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الانتشار المحدود للمؤسسات المالية في بعض المناطق الريفية.
وأشار التقرير إلى أنّ تونس قد استفادت من دخول التكنولوجيا الرقمية والهواتف المحمولة إلى سوق الخدمات المالية، فقد أصبح من الممكن لبعض الأفراد تفعيل حسابات مصرفية واستعمال أدوات الدفع الرقمي، مما وسّع من قاعدة المستفيدين. إلّا أنّ التحديات ما تزال قائمة، منها ضرورة توفير المزيد من آليات التوعية المالية، وتوسيع شبكة المؤسسات المالية في المناطق الداخلية، ورفع القيود الإدارية التي تعترض المواطنين، خاصة من ذوي الدخل المنخفض والفئات الهشّة.
ويعدّ الشمول المالي عنصرًا أساسيًا لتحفيز النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر، إذ يمنح الأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة القدرة على الادخار، والاستثمار، والحماية من الصدمات المالية. ويُوصي البنك الدولي السلطات التونسية بمواصلة وتكثيف جهودها في هذا المجال، عبر وضع سياسات شاملة تضمن لجميع فئات المجتمع الاستفادة العادلة من المنتجات والخدمات المالية.
وفي سياق الأرقام الإقليمية والعالمية، يلاحظ أن تونس تقترب تدريجيًا من المعدلات المسجلة في بعض الدول المجاورة، إلا أن نسبة 37% تظل دون الطموحات المنشودة وتسلّط الضوء على الحاجة إلى إصلاحات إضافية لضمان شمول مالي أوسع وأكثر فعالية للجميع.