تنامي ظاهرة التهريب يعمق أزمات الاقتصاد والأمن في تونس
أصدر مؤشر الجريمة المنظمة العالمي مؤخرًا تقريرًا سلّط فيه الضوء على التحديات المتنامية التي تواجه تونس بسبب تصاعد أنشطة التهريب، وسط قلق متزايد من تداعيات ذلك على الاقتصاد الوطني والاستقرار المجتمعي.
وأشار التقرير إلى أن تهريب الوقود والبضائع والسلع المقلدة بات ظاهرة مترسخة على الحدود الشرقية والغربية، حيث تلعب الفوارق الكبيرة في أسعار المواد، خاصة الوقود، بين تونس ودول الجوار مثل الجزائر وليبيا دورًا محوريًا في تشجيع عمليات التهريب. وتستفيد شبكات منظمة من هذه الأوضاع لتشغيل مركبات معدلة لنقل الوقود عبر المسالك الحدودية الوعرة، ما يسهم في تغذية السوق الموازية وخلق اختلالات في السوق المحلية.
وحذرت الجهات المعنية من أن استمرار نشاط التهريب بهذه الوتيرة سيؤدي إلى تفاقم الخسائر المالية للدولة، لا سيما من خلال انخفاض عائدات الجمارك والضرائب، ويربك القطاعات الاقتصادية الرسمية التي تعاني أصلاً من المنافسة غير المشروعة.
كما ينعكس انتشار ظاهرة التهريب سلبًا على الوضع الأمني، إذ يُستغل ضعف الرقابة الحدودية في نقل بضائع محظورة وحتى منتجات مهربة تضر بالصحة العامة مثل السجائر والمستحضرات الطبية المجهولة المصدر. وتساهم هذه الأنشطة في تمويل مجموعات الجريمة المنظمة التي تستغل حاجة بعض الأهالي لمصادر دخل في ظل ارتفاع نسب البطالة وتدهور الأوضاع المعيشية.
وبالرغم من الجهود الأمنية المبذولة عبر حملات مصادرة وإجراءات مراقبة مكثفة، فإن حجم المشكلة يكشف الحاجة إلى استراتيجيات أكثر شمولية تجمع بين تشديد المراقبة وتحفيز الفرص التنموية بالمناطق الحدودية. ويؤكد الخبراء أن تعزيز التنمية المحلية وإيجاد بدائل اقتصادية فعلية للسكان يعدان واحدًا من المداخل الضرورية للحد من انتشار التهريب.
وفي ختام التقرير، أوصى مؤشر الجريمة المنظمة العالمي بضرورة العمل المشترك بين الأجهزة الرسمية والمجتمع المدني لوضع سياسات تحد من تدفق السلع المهربة، مع التركيز على نشر الوعي بمخاطر هذه الأنشطة على أمن واستقرار تونس ومستقبلها الاقتصادي.
