تونس تعيد تفعيل آلية مبادلة الديون لتمويل التنمية: آفاق وتحديات

بدأت تونس مؤخرًا بإحياء آلية مبادلة الديون كأداة مالية لدعم مشاريع التنمية، في خطوة تهدف لتخفيف الضغط عن المديونية الخارجية وتعزيز الاستثمار في القطاعات الأساسية. هذه العودة تأتي في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية حرجة، حيث تسعى السلطات التونسية إلى إيجاد حلول مبتكرة للاستجابة لتفاقم متطلبات التمويل العمومي، خاصة بعد أن سجلت الديون مستويات مرتفعة وتزايدت الحاجة لدعم القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية.

تجربة مبادلة الديون ليست جديدة على تونس. فقد سبق للبلاد خلال العقدين الماضيين تطبيقها مع دول مثل ألمانيا والسويد وإيطاليا، حيث أُعيد استثمار الديون المستحقة في مشاريع وطنية بدل تحويلها بالكامل للمؤسسات الدائنة. ومع عودة هذه الآلية للواجهة، تحرص تونس على توسيع نطاقها لتشمل شركاء جدد ودائنين آخرين لرفع الموارد المتاحة.

وتتمثل فكرة مبادلة الديون في اتفاق الجانبين—الدائن والمدين—على توجيه جزء من الأموال التي كانت ستسدّد كأقساط وفوائد على الديون، نحو تنفيذ مبادرات تنموية تحددها الحكومة التونسية بالتنسيق مع الشركاء، ما يخلق أثرًا مزدوجًا يخفف أعباء الدين ويعزز التنمية المحلية.

ورغم الحماس الرسمي لمبادلة الديون، إلا أن هنالك تساؤلات حول مدى تقبل الدائنين لمثل هذه الخطوات، وسط استمرار محدودية الموارد العالمية وزيادة شروط التمويل لدى معظم المؤسسات الدولية. ففي المقابل، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن نجاح تونس في مبادلات الديون سابقًا قد يشجع على استقطاب مزيد من الاتفاقات الجديدة، خصوصًا مع الدول الأوروبية التي لها مصالح استراتيجية في استقرار المنطقة وتطويرها.

وفي عام 2025، تشير الميزانية المقدمة إلى بلوغ الدين العام التونسي مستويات قياسية تتجاوز 147 مليار دينار، ما يجبر الدولة على البحث عن مصادر تمويل إضافية تتسم بالاستدامة وقلة الكلفة. هنا تبرز أهمية مبادلات الديون، باعتبارها تساهم أيضًا في دعم أهداف التنمية المستدامة من خلال المشاريع الاجتماعية والاقتصادية.

ختامًا، يبقى مستقبل مبادلة الديون في تونس معتمدًا على استعداد الدائنين للاستجابة لهذا التوجه، بالإضافة إلى قدرة الحكومة على إدارة هذه الاتفاقات بالشكل الأمثل وضمان توجيه مواردها للمشاريع الأكثر أولوية. وفي حين تشكل هذه الآلية فرصة سانحة لتونس، إلا أنها تتطلب شفافية في التنفيذ وتعاونًا وثيقًا مع الشركاء الدوليين لضمان تحقيق أهدافها وتحقيق فائدة ملموسة للمجتمع التونسي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *