تونس والبريكس: تحليل لأثر التوجه شرقًا على الاقتصاد الوطني

في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، كثّفت تونس مؤخرًا مساعيها لتعزيز التعاون مع مجموعة دول البريكس التي تضم قوى اقتصادية صاعدة كالصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا. ويلفت هذا التحول الاستراتيجي الأنظار إلى مدى انعكاسه الفعلي على مؤشرات الاقتصاد الوطني، وهو ما تناوله الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي بناءً على بيانات حديثة للمعهد الوطني للإحصاء.

1- اقتصاد ينمو ببطء: رغم ما رافق الانفتاح على تكتل البريكس من آمال برفع نسب النمو الاقتصادي، إلا أن المعطيات تشير إلى تحسن محدود مقابل استمرار التحديات الهيكلية. ويبرز ذلك في نسب نمو غير كافية لمجاراة الطلب الاجتماعي وخلق فرص عمل جديدة، ما يضع البلاد أمام اختبار حقيقي للاستفادة القصوى من هذه الشراكات.

2- التشغيل بين الأمل والواقع: تعاني تونس منذ سنوات من مشاكل بطالة مزمنة، وفي الوقت الذي وُعدت فيه بفرص عمل إضافية بفضل علاقاتها مع البريكس، يُلاحظ استمرار ارتفاع نسب البطالة، خصوصًا بين خريجي الجامعات. وتؤكد الأرقام الأخيرة صعوبة خفض معدلات البطالة دون إصلاحات أعمق ومبادرات أكثر استدامة لجذب الاستثمارات الأجنبية من هذه الدول.

3- عجز تجاري متفاقم: من أبرز الأرقام اللافتة استمرار تدهور الميزان التجاري مع أغلب دول البريكس، ما انعكس في تصاعد قيمة العجز الإجمالي. يعود ذلك أساسًا إلى اعتماد تونس الكبير على الاستيراد من البريكس مقابل ضعف حجم صادراتها إليها. هذا الوضع يؤشر إلى ضرورة إعادة النظر في بنية الصادرات التونسية وتنويعها لاستغلال فرص الشراكة مع هذه الأسواق الضخمة.

الخلاصة: رغم الاهتمام الرسمي بتقوية الشراكة مع دول البريكس والطموح لتحقيق مكاسب اقتصادية، إلا أن المؤشرات الميدانية تظهر ضرورة تطوير استراتيجيات أكثر فاعلية لتعزيز مستويات النمو والتشغيل وخفض العجز التجاري. يبقى الرهان على قدرة تونس على تحويل هذا التقارب إلى فرص حقيقية تدعم الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *