تونس وعلاقتها الاقتصادية مع مجموعة البريكس: واقع وآفاق
شهدت العلاقات الاقتصادية بين تونس ودول مجموعة البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) اهتمامًا متزايدًا في الآونة الأخيرة، خاصة مع زيادة التقارب السياسي وتحولات الاقتصاد العالمي. يستعرض الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي آخر بيانات المعهد الوطني للإحصاء لتحليل آثار هذا التعاون على مستويات النمو الاقتصادي، والتوظيف، والتبادل التجاري في تونس.
النمو الاقتصادي: تقدم بطيء وتحديات مستمرة
تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن معدلات النمو الاقتصادي في تونس ما تزال محدودة، بالرغم من الجهود المبذولة لتعزيز الشراكات مع أعضاء البريكس. يعود ذلك أساسًا إلى صعوبات هيكلية في القطاعات الإنتاجية، واعتماد الاقتصاد الوطني على قطاعات تقليدية ضعيفة التنافسية. ورغم انفتاح تونس على الأسواق العالمية، فإن الاستفادة الفعلية من البريكس لازالت في بداياتها، وما زالت بحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة لجذب المزيد من الاستثمارات وتحقيق نمو مستدام.
سوق العمل وتفاقم أزمة البطالة
أظهرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء تفاقم معدل البطالة مقابل محدودية فرص التشغيل، وهذا يعود جزئيًا إلى عدم قدرة الاقتصاد على خلق وظائف جديدة، رغم الانفتاح التجاري مع دول البريكس. فالإنتاج الموجه للتصدير لا يزال ضعيف القيمة المضافة، كما أن اتفاقيات التعاون لم تنعكس بعد بشكل ملموس على مؤشرات سوق العمل.
تبادل تجاري يشهد عجزًا متزايدًا
أما بشأن التبادل التجاري، فقد سجل العجز التجاري التونسي مع أغلب دول البريكس ارتفاعًا خلال الفترة الأخيرة. وتعزى هذه الزيادة إلى ارتفاع قيمة الواردات مقابل الصادرات، وخاصة من الصين وروسيا، مما أثر سلبًا على الميزان التجاري وأثار تساؤلات حول الحاجة لوضع استراتيجيات طويلة الأمد لتعزيز الصادرات التونسية وتحسين شروط التبادل.
في المجمل، يرى الخبراء أن المكاسب المرجوة من التعاون مع مجموعة البريكس لازالت محدودة، وتحتاج تونس لتطوير سياسات اقتصادية واضحة ومستدامة قادرة على ترجمة التقارب السياسي إلى فرص اقتصادية حقيقية تحقق الفائدة للشعب التونسي وتقلل من الاختلالات المزمنة في الاقتصاد الوطني.
