جدل اجتماعي في تونس بعد نفي المسدي وجود مشروع قانون لتعدد الزوجات
أثارت تصريحات فاطمة المسدي، النائب في البرلمان التونسي، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما نفت بشكل قاطع وجود أي مشروع قانون يهدف إلى إباحة تعدد الزوجات في تونس. جاء هذا التصريح في أعقاب منشور للمحامي عماد العيساوي، أطلق فيه نقاشًا حول قانونية زواج الرجل بامرأة ثانية، وهو ما أعاد فتح ملف تعدد الزوجات في البلاد وأثار موجة من التباين في الآراء.
رغم تأكيد المسدي على أن البرلمان لم يناقش أي مقترح بشأن السماح بتعدد الزوجات، سرعان ما انتشر النقاش الذي أطلقه العيساوي ليقسم الرأي العام بين مؤيد متحمس يجد الطرح جريئًا وموضوعيًا، وبين معارض يعتبره تهديدًا لمكتسبات المرأة التونسية ومساسًا بأسس الدولة المدنية التي تكرس المساواة بين الجنسين.
واعتبر المدافعون عن حقوق المرأة أن مجرد إثارة الموضوع يمثل رجوعًا للوراء، خاصة وأن تونس كانت من أوائل الدول التي منعت بتشريع قانوني التعدد سنة 1956 بموجب مجلة الأحوال الشخصية، والتي جعلت من المساواة بين الرجل والمرأة مبدأ أساسيًا في المنظومة القانونية والاجتماعية التونسية. في المقابل، يرى بعض المشاركين في النقاش أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية تتطلب إعادة نظر في بعض القوانين بما يتماشى مع متطلبات المجتمع وحقوق الأفراد في الاختيار الحر.
وقد حظى منشور العيساوي بمئات التعليقات بين معبر عن دعمه للفكرة وملوح بأنها تندرج تحت حرية النقاش المجتمعي، وبين مندد يصف الطرح بمحاولة لزعزعة القوانين الضامنة لحقوق المرأة والأسرة. كما دعا كثيرون إلى ضرورة الحفاظ على منجزات الدولة المدنية ومواصلة دعم المسار الحقوقي والتشريعي الذي اختارته تونس منذ عقود.
تعكس هذه القضية حساسية المرتبطات بتشكل الهوية المجتمعية في تونس، ومدى تشبث شرائح واسعة من التونسيين بالمساواة ورفض أي تراجع عن القوانين التي تعتبر نقطة تحول في تاريخ البلاد. مع استمرار الجدل، بات من الواضح أن أي نقاش قانوني أو اجتماعي حول قضايا الأحوال الشخصية سيظل يسبّب انقسامات حادة في المشهد العام، بين دعاة التجديد ومؤيدي الحفاظ على مكتسبات الحداثة.