جدل حول الاتهامات الإسرائيلية بتعزيز النفوذ الإيراني في تونس

أثار تقرير حديث صادر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي جدلاً واسعًا حول مزاعم توسع النفوذ الإيراني في تونس. وأشار التقرير إلى أن إيران تسعى لتعزيز حضورها السياسي والاقتصادي والأمني داخل تونس، واعتبر ذلك مصدر قلق استراتيجي لإسرائيل في منطقة شمال إفريقيا.

ومع ذلك، فإن مراجعة للمعطيات الرسمية والتقارير الميدانية تشير إلى صورة أقل إثارة للقلق مما قدمه التقرير الإسرائيلي. فعلى الصعيد الاقتصادي، لم تسجل الإحصائيات التونسية الرسمية أي شراكات أو استثمارات إيرانية بارزة خلال السنوات الأخيرة، مع بقاء المبادلات التجارية بين البلدين محدودة مقارنة بعلاقات تونس بباقي الشركاء الاقتصاديين.

من جهة أخرى، يتركز ما يسمى بـ”النفوذ الإيراني” وفق مراقبين محليين ودوليين في المجال الثقافي والديني وبعض الأنشطة الرمزية لا أكثر، دون أي اختراق واضح في الأجهزة الأمنية أو مواقع القرار السياسي في تونس. وتشير تقارير إلى اهتمام أوساط إعلامية ودينية بمحاولة نشر بعض الرموز الثقافية الدينية الشيعية في المجتمع التونسي، غير أن هذا التواجد لا يزال محدود الانتشار ولا يعتمد على دعم استراتيجي ملموس.

سياسيًا، تؤكد السلطات التونسية باستمرار احترام استقلالية القرار الوطني وعدم السماح لأي تدخل أجنبي في شؤون البلاد. كما لم تظهر الحكومة التونسية أي مؤشرات على وجود تقارب استثنائي مع طهران يتجاوز أطر التعاون الدبلوماسي الطبيعي بين الدول.

وبالرغم من الاهتمام الإسرائيلي والإعلامي بما يصفونه بتمدد النفوذ الإيراني في تونس، إلا أن معظم التقديرات المحلية والدولية تعتبر أن أي تطور في العلاقات بين تونس وإيران يبقى محصورًا في المستوى الرمزي والثقافي، وغير مطابق لما وصفه التقرير الإسرائيلي من توسع عملي في الحضور الإيراني بالبلاد.

خلاصة القول، لا توجد حتى الآن مؤشرات رسمية أو واقعية تعطي انطباعًا بتعاظم نفوذ إيران داخل تونس؛ إذ تظل العلاقات بين البلدين في إطارها الطبيعي مع مراقبة إقليمية واستشعار لحساسية موقع تونس لدى مختلف القوى الدولية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *