جدل حول المسؤولية في ملف النفايات بحي الغزالة: تشريع جديد أو أزمة إدارة؟
تشهد الساحة التونسية مؤخراً نقاشاً واسعاً حول مشروع قانون جديد يهدف إلى التصدي لظاهرة رمي النفايات في الأماكن العامة وفرض عقوبات رادعة للمخالفين. هذه المبادرة البرلمانية تأتي استجابة لتفاقم مشكلة التلوث البيئي في عديد المناطق، من بينها حي الغزالة، حيث أصبح مشهد التراكم العشوائي للنفايات جزءاً من الحياة اليومية للسكان.
لكن رغم الأهداف المعلنة للقانون، تبرز إشكالية محورية تطرح نفسها في حي الغزالة: من يتحمل المسؤولية الأساسية في أزمة النفايات، المواطن أم البلدية؟ فبحسب شهادات عدد من المتساكنين، شهد الحي مؤخراً إزالة فجئية للحاويات دون إشعار مُسبق ودون توفير بدائل عملية لجمع النفايات، مما أجبر الكثيرين على رميها في الساحات والشوارع. هذا الوضع فتح الباب أمام جدل قانوني وأخلاقي حول العدالة في تطبيق العقوبات وتعريف المسؤولية.
من جهة أخرى، يشدد مختصون في الشأن البلدي على أن مسؤوليّة إدارة النفايات تقع أساساً على عاتق البلديات، والتي يفرض عليها القانون توفير الحاويات الضرورية وبرمجة دورات منتظمة للجمع. كما ينص الفصل 240 من مجلة الجماعات المحلية الصادرة سنة 2018 على واجب الجماعات المحلية في تنظيم وإدارة ملف النفايات بشكل يحفظ صحة البيئة والسكان.
أما على صعيد الإطار التشريعي الجديد، فمن المنتظر أن يتضمن القانون المرتقب غرامات مالية تتراوح بين 300 و1000 دينار للمخالفين، وفق ما تنص عليه القوانين البيئية السابقة أيضاً. ومع ذلك، يتخوف سكان حي الغزالة من استغلال القانون لمعاقبة المواطنين عوض معالجة أصل المشكلة المتمثل في ضعف البنية التحتية ونقص الخدمات البلدية.
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بإيجاد حلّ جذري، يؤكد العديد من الناشطين والجمعيات البيئية أن تكريس ثقافة بيئية جماعية يتطلب تعاوناً فعليًا بين المواطن والسلطة المحلية، مع ضرورة مساءلة كل طرف بناءً على دوره وإمكانياته. ففي النهاية، يبقى الحق في بيئة سليمة مسؤولية مشتركة، والقوانين وحدها لا تكفي إن لم تترافق مع إرادة سياسية وخدمات بلدية فاعلة.
وبين تشدّد التشريع وحدود التطبيق، يبدو مستقبل النظافة في حي الغزالة مرتبطاً بالإرادة الجماعية لتجاوز الاتهامات المتبادلة، والسعي نحو حلول عملية تضمن كرامة وراحة جميع المتساكنين.