جدل حول توقيت مبادرة النائب ماهر قطاري لإدخال PayPal وفتح الأبواب أمام العملات الرقمية في تونس
شهدت الأوساط الاقتصادية والتكنولوجية في تونس حالة من النقاشات الساخنة في أعقاب طرح النائب ماهر قطاري مقترحًا جديدًا بشأن تحديث مجلة الصرف، وهو المشروع الذي اعتبره كثيرون بمثابة تحوّل استراتيجي في ما يتعلق بالتعاملات المالية الرقمية والانفتاح على أنظمة الدفع العالمية مثل PayPal، بالإضافة إلى السماح بفتح حسابات بنكية بعملات أجنبية، وإضفاء الشرعية على الأصول الرقمية كالبيتكوين.
ويأتي هذا التحرك في ظل مطالب متزايدة من قبل رواد الأعمال والمتخصصين في الاقتصاد الرقمي لتمكين التونسيين من المشاركة الفعالة في الاقتصاد الرقمي العالمي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان هذا المقترح جاء في الوقت المناسب أم أنه جاء متأخرًا مقارنة بالتطورات المتسارعة التي يشهدها العالم.
ويحتوي نص المقترح على توصيات جريئة تتعلق بمرونة أكبر في عمليات الصرف وتسهيلات مهمة للتجارة الإلكترونية بما يشمل الاستفادة من خدمات الدفع الإلكتروني والتحويل المالي الدولي عبر المنصات المعروفة عالميًا مثل PayPal وStripe، وهو ما لطالما طالب به أصحاب المشاريع الرقمية بُغية تمكينهم من التعامل السلس مع السوق العالمية.
من جانبهم، عبّر مختصون في الاقتصاد الرقمي عن دعمهم للمبادرة، معتبرين أن الانفتاح على حلول الدفع الدولية أصبح ضروريًا لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتوفير فرص جديدة للعمل والاستثمار في تونس. وقد أكدوا أن عديد الشباب ورواد الأعمال اضطروا سابقًا للبحث عن طرق معقدة أو اللجوء إلى دول أخرى من أجل فتح حسابات PayPal أو استلام تحويلات مالية أجنبية، ما أدى إلى هجرة كفاءات رقمية وطموحات استثمارية خارج البلاد.
ولكن هناك من يرى أن تأخير هذا النوع من المبادرات حرم تونس من فرص كبيرة في السنوات الأخيرة، خاصة مع الانتشار الواسع للعملات الرقمية وتزايد التعاملات الإلكترونية. فالعديد من الدول المنافسة في المنطقة سبقت تونس إلى تبنّي حلول عصرية ومواكبة التحولات في عالم الأموال الرقمية، ما أثر على قدرة الاقتصاد المحلي في جذب استثمارات وشراكات دولية واعدة.
ورغمَ اعتباره خطوة محورية نحو تحديث البيئة التشريعية والاقتصادية، يراهن كثيرون على ضرورة استكمال المسار بإصدار لوائح تنفيذية واضحة وتوفير البنية التحتية اللازمة لحماية المستهلك وضمان الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال والجرائم المالية.
وفي انتظار ما ستؤول إليه مناقشات مجلس النواب حول هذا المقترح، يبقى الأمل معلّقًا على أن تواكب تونس روح العصر في مجال الاقتصاد الرقمي وأن تجد في هذا المشروع نقطة انطلاق جديدة نحو الاندماج الحقيقي مع الأسواق المالية والتكنولوجية الدولية.
