جدل حول محاكمة الأطفال في سن العاشرة: بين التشريعات التونسية والمعايير الدولية
أثار اقتراح خفض سن عدم المؤاخذة الجزائية للأطفال إلى عشرة أعوام جدلاً واسعًا في الأوساط القانونية والاجتماعية في تونس. وقد عبّرت المحامية نادية الشواشي عن رفضها لهذه المبادرة، معتبرة أنها تتنافى مع التوجهات الدولية لحماية حقوق الطفل ومع نتائج الأبحاث العلمية الحديثة في مجال سياسات الطفولة.
وأوضحت الشواشي أن مسألة محاسبة الأطفال قضائيًا في سن مبكرة ليست مسألة بسيطة، إذ أن التوجهات العالمية تتجه نحو إعطاء الأولوية لمصلحة الطفل الفضلى، والتركيز على إعادة الإدماج الاجتماعي بدلاً من العقاب المباشر. وتؤكد الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل، وجوب وضع معايير واضحة تحمي الأطفال من الدخول المبكر في مسار العدالة الجزائية.
وأشارت إلى أن أي محاولة لخفض هذا السن قد تؤدي إلى معاقبة أطفال في سن الخامسة أو السادسة، وهو أمر وصفته بالمقلق جدًا، كونه يشكل تهديدًا لتطور الطفل النفسي والاجتماعي. كما اعتبرت ذلك خطوة للخلف تقوض جهود الإصلاح المعتمدة في تونس والمنسجمة مع المعايير الدولية.
ودعت الشواشي إلى ضرورة تطوير سياسات حماية الطفولة من خلال تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، والعمل على علاج الأسباب الجذرية للسلوكيات المنحرفة لدى القصر، بدلاً من المضي نحو تشديد القوانين والعقوبات. ولفتت إلى أن التجارب العالمية تُجمع على أهمية تفادي العقوبات الجزائية للأطفال دون الثانية عشرة، وإعطاء الأولوية لبرامج التأهيل والتكوين.
وفي هذا الصدد، شددت على أن مستقبل الأطفال يجب أن يُبنى على الاستثمار في التعليم والرعاية والدعم الأسري، وليس الزج بهم في المحاكم والمنظومة العقابية. واختتمت بالإشارة إلى أن السياسات العقابية الصارمة لا تؤدي غالبًا إلا إلى نتائج عكسية، وتضر بالمجتمع على المدى البعيد.”}}
