جدل واسع في البرلمان التونسي حول ضريبة الثروة وتحذيرات من تصاعد التهرب الضريبي
أثار إدراج ضريبة الثروة ضمن مشروع قانون المالية لعام 2026 موجة من النقاشات الحادة داخل الأوساط البرلمانية والاقتصادية في تونس، في وقت تتجه فيه الحكومة إلى تطبيق إصلاحات ضريبية أملاً في معالجة العجز المالي.
وقد أكد طارق مهدي، عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي بمجلس نواب الشعب، أن مجموعة من النواب يسعون لتقديم تعديلات على مشروع القانون، معتركزين على الفصل الخاص بالضريبة على الثروة الذي أصبح محل جدل كبير. وأوضح مهدي في حديث إذاعي أن فئة التونسيين التي تشملهم هذه الضريبة تعتبر محدودة للغاية، إذ لا يمتلك ثروات ضخمة إلا عدد بسيط، ما يضع علامة استفهام حول جدوى هذه الإجراءات ومدى تأثيرها الفعلي على توازنات المالية العامة.
ويذكر أن الحكومة التونسية اقترحت فرض ضريبة تصاعدية على الثروة، تقدر نسبتها بحوالي 0.5% على الأصول التي تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايين دينار. ويهدف هذا الإجراء، وفقاً لمصادر حكومية، إلى دعم موارد الدولة بعائدات إضافية ومكافحة التفاوت الاجتماعي، لا سيما في ظل اتساع فجوة الطبقات واشتداد الضغط على الطبقة المتوسطة.
ومع ذلك، عبّر بعض البرلمانيين والمهنيين الاقتصاديين عن خشيتهم من أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة مستويات التهرب الضريبي. ويرى منتقدو المشروع أن الإجبار على الإعلان عن الثروات قد يدفع بعض أصحاب رؤوس الأموال لنقل أموالهم خارج البلاد أو البحث عن وسائل للتحايل الضريبي، ما قد يدفع بمزيد من الضغط على الاقتصاد الوطني بدلاً من دعمه. كما تحوم مخاوف من أن تكون الضريبة مزدوجة أو أنها قد تتعارض مع اتفاقيات دولية لتجنب الازدواج الضريبي.
جدير بالذكر أن النقاش حول فرض الضرائب على الثروة ليس جديداً في تونس، لكنه أصبح أكثر إلحاحاً ضمن محاولات إيجاد حلول للأزمة المالية الراهنة. وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة إيجاد توازن بين تحصيل إيرادات إضافية وضمان بيئة جاذبة للاستثمارات، يُنتظر أن تشهد الأسابيع المقبلة مزيداً من الحوارات والمقترحات البرلمانية بخصوص هذه الضريبة ومدى مناسبتها في السياق المحلي.
تعكس النقاشات الحالية في البرلمان مخاوف مشروعة حول التداعيات الممكنة لأي تعديل ضريبي، وسط مناخ اقتصادي متقلب وتحديات مالية متعاظمة تواجه تونس في السنوات المقبلة.
